إتّسم الأسبوع الثاني من شهر كانون الأول/ديسمبر 2017 بإشتداد حدّة الإضطرابات التي عمّت الأرض الفلسطينية المحتلة. فقد أثار الإعلان الذي صدر في يوم 6 كانون الأول/ديسمبر بشأن إعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمةً لإسرائيل مظاهرات وإشتباكات واسعة بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية.
منذ يوم 13 كانون الأول/ديسمبر، قُتل مدني فلسطيني في غزة نتيجة لهذه الإشتباكات، وأُصيبَ ما يقرب من 2,000 فلسطيني بجروح في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، حيث أصيب معظمهم (نحو 70 في المائة ) بسبب إستنشاق الغاز المسيل للدموع الذي إستلزم الحصول على علاج طبي، والأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط والذخيرة الحية. كما أطلقت الفصائل المسلحة الفلسطينية في قطاع غزة الصواريخ بإتجاه جنوب إسرائيل بصورة يومية، ولم يتسبّب أي منها في وقوع إصابات أو أضرار حتى تاريخ إعداد هذه النشرة. وبعد ذلك، شنّت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية التي إستهدفت مواقع عسكرية في القطاع، مما أدى إلى مقتل ثلاثة فلسطينيين، من بينهم مدني، وإصابة 25 آخرين بجروح.
ويثير التصعيد في غزة القلق بوجه خاص بالنظر إلى الوضع الإنساني البالغ الهشاشة. فعلى الرغم من التقدم الذي أُحرِز مؤخرًا على صعيد المصالحة الداخلية الفلسطينية، لم يجرِ العدول عن معظم التدابير التي إتخذتها السلطة الفلسطينية منذ شهر آذار/مارس 2017، والتي أدّت إلى التدهور الذي شهده القطاع مؤخرًا. وعلى وجه الخصوص، تسبّب تقليص التمويل المرصود لتزويد الكهرباء في تفاقم العجز المزمن في إمدادات الكهرباء، مما أدى إلى زيادة إنقطاعها من 12-16 ساعة إلى 18-20 ساعة في اليوم، مع ما يخلّفه ذلك من آثار ممتدة تطال جميع مناحي الحياة. وفي يوم 8 كانون الأول/ديسمبر، صرف منسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، روبرت بايبر، 2.2 مليون دولار من صندوق التبرعات الإنساني من أجل تغطية الإحتياجات العاجلة الإضافية التي شهدتها غزة في قطاعيّ الصحة والأمن الغذائي.
ومع إقتراب فصل الشتاء، يتناول أحد الأقسام الذي تعرج عليها نشرة الشؤون الإنسانية لهذا الشهر خطر التهجير المؤقت الذي يواجه ما يربو على 560,000 شخص فيما يقرب من 60 موقعًا معرضًا للفيضانات في عموم أنحاء قطاع غزة. ولا تتعطل قدرة المنظمات على التخفيف من حالة الضعف وتقديم الإستجابة الفعّالة بسبب أزمة الطاقة المتواصلة فحسب، بل بسبب نقص التمويل والقيود التي تفرضها إسرائيل على الإستيراد بذريعة المخاوف الأمنية. فهذه القيود تؤخّر تنفيذ سبعة مشاريع لتشييد البنية التحتية التي تستهدف تقليص خطر الفيضانات في وسط قطاع غزة وجنوبه.
وقد شهد شهر تشرين الثاني/نوفمبر بداية ذروة موسم تصدير المحاصيل النقدية ذات القيمة العالية، كالفراولة، في قطاع غزة. ويتسم الإقتصاد في غزة بنموه البطيء وبمعدلات البطالة التي قاربت نسبتها 47في المائة خلال الربع الثالث من العام 2017. وتُعَدّ الزيادة التي شهدتها تجارة المنتجات الزراعية الصادرة من غزة حتى الآن من العام 2017 واحدة من النقاط المضيئة القليلة في وضع إقتصادي بائس، حيث بثّت بصيص أمل في أوساط المزارعين والتجار بتحسّن سبل العيش خلال موسم التصدير المقبل.
وتشكّل سبل العيش الزراعية التي تعتمد عليها 80,000 أسرة على الأقل في الضفة الغربية محور مقالة أخرى في هذه النشرة، حيث تركّز على موسم قطف الزيتون الذي إمتد من منتصف شهر أيلول/سبتمبر حتى منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر. فقد أفادت التقارير بأنّ هذا الموسم بدأ سهلاًنسبيًا، على الرغم من أن الزيادة التي طرأت على حوادث عنف المستوطنين والقيود المفروضة على الوصول إلى حقول الزيتون الواقعة خلف الجدار وبالقرب من المستوطنات الإسرائيلية ما تزال تفرض التحديات أمام المزارعين الفلسطينيين. ويتناول قسم آخر من هذه النشرة تحديًا إضافيًا يواجهه الفلسطينيون في سبل عيشهم بالضفة الغربية، حيث ينظر هذا القسم في الآثار التي تخلّفها التدريبات العسكرية التي جرت مؤخرًا والقيود المفروضة على الوصول إلى 12 تجمعًا رعويًا في المنطقة الواقعة جنوبيّ الخليل.
وتذكّرنا الإضطرابات المتواصلة في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة بحساسية قضية القدس: فقد أشار المنسّق الخاص، ملادينوف، في الإحاطة التي قدّمها لمجلس الأمن مؤخرًا إلى أنه "من بين جميع قضايا الوضع النهائي في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وحسبما نصت عليه إتفاقيات أوسلو... ربما تُعَدّ القدس أكثر المواضع المشحونة بالعواطف وأصعبها." وأكد الأمين العام للأمم المتحدة في ردّه على إعلان الولايات المتحدة على أن "وضع القدس يندرج ضمن قضايا الوضع النهائي، وينبغي حلّه من خلال المفاوضات بين الطرفين على أساس قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة الصادرة بهذا الشأن، مع الأخذ في الإعتبار الشواغل المشروعة لكلا الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي."