أصدر مراقب الدولة الإسرائيلي، في 28 شباط / فبراير 2017، نتائج التحقيق في آلية صنع القرار في مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر قبل وأثناء العمليات الحربية في عام 2014 في قطاع غزة. ووفقا للتقرير، تجاهل مجلس الوزراء تدهور الأوضاع الإنسانية، رغم التحذيرات المبكرة التي قدمها الجيش، خاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية في قطاع غزة. وفيما يخص معالجة قضايا مثل صعوبة العيش في قطاع غزة قبل الأعمال القتالية يقول مراقب الدولة في تقريره إنه “كان من الممكن أن تحول دون التصعيد “. وفى تقرير للجنة الشئون الخارجية والدفاع بالكنيست في أول آذار/مارس 2017، أشار رئيس المخابرات العسكرية في الجيش الإسرائيلي إلى أن الوضع الاقتصادي الحالي في غزة خطير، وأن المنطقة على شفا أزمة.
وتغطي مقالتان في نشرة هذا الشهر القضايا طويلة الأمد التي تؤثر على الأوضاع الإنسانية وحالة حقوق الإنسان في قطاع غزة. المقالة الأولى تقتبس عن تقرير الأمم المتحدة الذي نشر في عام 2012، ويتناول دراسة التحديات التي ستواجه غزة بحلول عام 2020، الذي يُقدر أن يتجاوز تعداد السكان 2.1 مليون نسمة. ويعتبر من أهم المواضيع التي تناولها التقرير الحافل بالعديد من الهموم الإنسانية الملحة، تناقص مخزون المياه الجوفية، وهو المصدر الوحيد لمياه الشرب والري في قطاع غزة. وأدى استمرار استهلاك المياه الجائر من المياه الجوفية وتسرب مياه البحر إلى تلوث 95 بالمائة من المياه الجوفية وأصبحت غير صالحة للاستهلاك البشري، وقد يستحيل إصلاح الضرر الذي لحق بالمياه الجوفية بحلول عام 2020.
وفي خطوة هامة للتصدي لهذا التهديد، قامت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في كانون الثاني / يناير بافتتاح أكبر محطة لتحلية مياه البحر حتى الآن في قطاع غزة، والتي سوف تنتج في البداية 6,000 متر مكعب من المياه العذبة يوميا. الهدف النهائي هو إنتاج ما يزيد عن ثلاثة أمثال هذه الكمية التي سوف تخدم 275,000 نسمة، أي أقل من 15 بالمائة من سكان قطاع غزة. وعلى الرغم من هذا التطور الإيجابي، إلا أن قدرة مقدمي الخدمات في قطاع غزة لتنفيذ مشاريع المياه والصرف الصحي الضرورية لا تزال مقيدة بشدة بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل على الاستيراد، بحجة المخاوف الأمنية.
وتتناول المقالة الثانية انعدام المساءلة والملاحقة القانونية لانتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان لجميع الأطراف خلال الأعمال القتالية المتعاقبة في قطاع غزة وخاصة عملية الرصاص المصبوب العسكرية في 2008/2009. وإحدى الحالات التي وقعت أثناء هذه الحرب، والتي حظيت باهتمام خاص في هذه النشرة ؛ هي غارة جوية إسرائيلية على منزل عائلة الداية؛ ولا يزال أحد الناجين بانتظار الإنصاف لمقتل 22 من أفراد عائلته في ذلك الهجوم، والتعويض عن منزله الذي دمر خلال الأعمال القتالية في عام 2014. وانعدام المساءلة مصدر قلق قائم منذ أمد طويل في الضفة الغربية أيضاً. ففي 21 شباط / فبراير، حكمت محكمة عسكرية إسرائيلية بالسجن 18 شهرا على الجندي الإسرائيلي الذي قتل جريحا فلسطينيا في مدينة الخليل في آذار/مارس 2016 بعد تنفيذه هجوماً. وأكد الحُكم أن الرجل المصاب عندما قُتل كان مستلقيا على الأرض دون أن يُشكل أي تهديد. ووفقا لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان: "لا شك أن إجراء المحاكمة والإدانة خطوات هامة جدا نحو المساءلة، إلا أنه من الصعب القول بأن العقوبة - التي تتسم بالتساهل المفرط – تتماشى مع جريمة القتل المتعمد بحق شخص منهك القوى وغير مسلح".
وتتناول المقالتان الأخريان في هذه النشرة تأثير المستوطنات الإسرائيلية التي أنشئت في انتهاك للقانون الدولي على الجوانب الإنسانية في الضفة الغربية المحتلة. ويفحص أحد المقالين حالة 18 تجمعا بدويا معرضة للخطر تقع في ما يسمى بمنطقة خطة E1في ضواحي القدس الشرقية، وهي مخصصة لتوسيع مستوطنة معاليه أدوميم. ويصف المقال التدابير التي اعتمدتها السلطات الإسرائيلية منذ بداية عام 2017، مما يزيد من حدة ظروف البيئة القسرية التي تعيشها التجمعات ويزيد من خطر ترحيلها قسرا.
وفي تقرير قدمه منسق عملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في شباط/فبراير، أشار إلى أنه منذ بداية العام؛ "أعلنت السلطات الإسرائيلية عن نحو 4,000 وحدة سكنية في المنطقة (ج) بما فيها الإعلان عن مناقصات لحوالي 800 وحدة، والتقدم لإنشاء نحو 3,000 وحدة، والمصادقة على خطط لبناء المزيد من الوحدات الإضافية يبلغ عددها 230 وحدة. هذه الأرقام أشد إثارة للقلق والمخاوف إذا ما قورنت بعام 2016 بأكمله، عندما تم طرح 42 وحدة والتقدم في إنشاء 3,000 وحدة في المنطقة (ج)".