أفراد بعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل عند حاجز يتمركز عليه جنود إسرائيليون في المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في مدينة الخليل، شباط/فبراير 2018   © - تصوير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية
أفراد بعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل عند حاجز يتمركز عليه جنود إسرائيليون في المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في مدينة الخليل، شباط/فبراير 2018 © - تصوير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية

نظرة عامة: كانون الثاني/يناير 2019

تسببّت جملة من المستجدّات التي شهدها شهر كانون الثاني/يناير في تفاقُم هشاشة الأوضاع الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون نتيجةً للسياسات والممارسات الإسرائيلية المتصلة بالمستوطنات. ففي يوم 26 كانون الثاني/يناير، إقتحم المستوطنون الإسرائيليون، الذين أشارت التقارير إلى أنهم جاؤوا من بؤرة عادي عاد الإستيطانية، قرية المغيِّر القريبة من رام الله، حيث أطلقوا النار باتجاه رجل فلسطيني، يبلغ من العمر 38 عامًا، وقتلوه وأصابوا تسعة آخرين بجروح. وفتحت السلطات الإسرائيلية تحقيقًا جنائيًا في هذه القضية. وقد باتت قرية المغيّر (التي يبلغ تعداد سكانها نحو 3,000 نسمة)، على مدى السنوات القليلة الماضية، هدفًا لهجمات ومضايقات منهجية مصدرها البؤر الإستيطانية القريبة منها، مما تسبّب في تقويض أمن سكانها الفلسطينيين وسبل عيشهم. وعلى الرغم من أن نحو 100 بؤرة إستيطانية في مختلف أنحاء الضفة الغربية أُقيمت دون تصريح رسميّ أو رخص بناء إسرائيلية، فقد أقرّت الحكومة في شهر كانون الأول/ديسمبر 2018 مشروع قانون ينصّ على "إضفاء طابع قانوني" بأثر رجعي على 66 بؤرة منها (بما فيها بؤرة عادي عاد الإستيطانية) في غضون عامين. ومن المقرر أن تتلقّى البؤر الإستيطانية المذكورة، خلال هذه الفترة الإنتقالية، التمويل والخدمات، إلى جانب تجميد تنفيذ أوامر الهدم التي صدرت بشأنها.

كما يقف المستوطنون وراء دعوى قضائية تستهدف إخلاء 32 فردًا من أفراد أُسرة فلسطينية كبيرة من منزلهم في القدس الشرقية، حيث حُسمت هذه الدعوى في شهر كانون الثاني/يناير بقرار صدر لصالح هؤلاء المستوطنين. ويُعَدّ الترحيل القسري الذي يطال الأشخاص المحميين في أرض محتلة مخالفة جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة. وبموجب قانون إسرائيلي سُنَّ في العام 1970، الذي يجيز للإسرائيليين رفع الدعاوى للمطالبة بالأراضي والممتلكات التي يُدَّعى أن يهودًا كانوا يملكونها في القدس الشرقية قبل إقامة دولة إسرائيل في العام 1948. وقد استغلّت المنظمات الإستيطانية هذا القانون للإستيلاء على الممتلكات الكائنة في الأحياء الفلسطينية بالقدس الشرقية.

أفراد بعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل عند حاجز يتمركز عليه جنود إسرائيليون في المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في مدينة الخليل، شباط/فبراير 2018   © - تصوير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية

وفي شهر كانون الثاني/يناير أيضًا، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها لن تمدّد ولاية بعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل. وتُعَدّ هذه البعثة المنظمة الوحيدة التي تتولى توثيق الحوادث وتأمين الحماية في المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في مدينة الخليل، حيث كانت مخوَّلة بالوصول إلى أي ناحية في المدينة إما سيرًا على الأقدام أو على متن المركبات، في أي وقت من الأوقات. ويشير استطلاع أجراه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية مؤخرًا، وشمل الأُسر القاطنة في المنطقة الإستيطانية الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في مدينة الخليل، والتي يقيم فيها نحو 7,000 فلسطيني، إلى أن نحو 70 بالمائة من الأُسر الفلسطينية تعرّضت لعنف المستوطنين ومضايقاتهم خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة. ومن المحتمل أن تسهم مغادرة بعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل في استفحال ضعف الفلسطينيين في هذه المنطقة، مما يؤدي إلى تفاقُم البيئة القسرية المفروضة عليهم.

وفي قطاع غزة، ما تزال مستويات البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي المرتفعة تشهد إزديادًا في ذات الوقت الذي يتسبّب فيه النقص الحادّ الذي سجَّله دعم المانحين في تقويض قدرة الجهات الإنسانية الفاعلة على تقدم إستجابة فعالة للإحتياجات المتزايدة. فقد أجبر تقليص التمويل، الذي طرأ مؤخرًا، برنامج الغذاء العالمي على تعليق المساعدات الغذائية التي كان يقدّمها لنحو 27,000 شخص وعلى تخفيض الحصص التموينية التي كان يخصّصها لـ166,000 مستفيد آخر. وفي تطور إيجابي، وقّع المنسق الإنساني ورئيس اللجنة القَطرية لإعادة إعمار غزة، في يوم 27 كانون الثاني/يناير، على اتفاقية بشأن تأمين تمويل قدره 20 مليون دولار تقريبًا لبرامج النقد مقابل العمل في غزة، حيث سيسهم هذا التمويل إلى حدً ما في التخفيف من وطأة الوضع الإقتصادي المتردي فيها.

وفي شهر كانون الثاني/يناير كذلك، وللمرة الأولى منذ العام 2000، وسّعت إسرائيل حدود منطقة الصيد إلى 12 ميلًا بحريًا في المنطقة الوسطى قبالة ساحل غزة، مع أن الوصول إلى المناطق الشمالية والجنوبية لا يزال مقيدًا في حدود ستة أميال بحرية، بحجة المخاوف الأمنية. وكانت حدود منطقة الصيد المتفق عليه في اتفاقيات أوسلو تمتد إلى 20 ميلًا بحريًا. ومن المحتمل أن يسمح توسيع هذه المنطقة لصيادي الأسماك في غزة بالوصول إلى مجموعة أكثر تنوّعًا وأعلى جودة من الأسماك، وإعادة إحياء قطاع صناعة صيد الأسماك الذي يعاني من الضعف والتباطؤ. ومع ذلك، وبالنظر إلى الأساليب التي تعتمدها القوات البحرية الإسرائيلية في فرض حدود منطقة الصيد، بما تشمله من إطلاق النار، واحتجاز الصيادين ومصادرة قواربهم، حتى ضمن مناطق الصيد المسموح بها في بعض الأحيان، يواجه صيادو الأسماك في غزة ما يُثنيهم عن استغلال الحدود المسموح بها إستغلالًا كاملًا.

وقد طرأ المزيد من التدهور على الأوضاع المعيشية المزرية في غزة بسبب إغلاق معبر رفح الخاضع للسيطرة المصرية أمام المسافرين المغادرين في أعقاب سحب الموظفين التابعين للسلطة الفلسطينية من المعبر في يوم 7 كانون الثاني/يناير. ويترك هذا الإغلاق، الذي يقترن مع الحصار الإسرائيلي، نحو مليونيْ إنسان ’مسجونين‘ في غزة. وإضافة إلى ذلك، أشار المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إلى أن السلطة الفلسطينية لم تصرف رواتب ما يربو على 5,000 موظف من موظفي القطاع العام في غزة عن شهر كانون الثاني/يناير، وذلك في سياق تفاقم الإنقسام الداخلي الفلسطيني. وحسبما أوضحه المنسق الخاص ملادينوف في الإحاطة التي قدّمها لمجلس الأمن في يوم 22 كانون الثاني/يناير، "على الرغم من الجهود الدؤوبة المبذولة من مصر والأمم المتحدة، فإن آمال تحقيق المصالحة الفلسطينية الحقيقية تتلاشى يومًا بعد الآخر فيما يلوم كل طرف الآخر على عدم تحقيق التقدم. وكالعادة، يتحمل الفلسطينيون العاديون عبء هذه المعاناة."