الإحاطة التي قدمها مسؤول الإغاثة في الأمم المتحدة لمجلس الأمن

السيد مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية وتنسيق الإغاثة في حالات الطوارئ

الإحاطة المقدمة لمجلس الأمن حول الحالة في الشرق الأوسط، بما فيها القضية الفلسطينية

31 كانون الثاني/يناير 2024 

كما أُعِدّت للإلقاء

السيد الرئيس، 

شكرًا لكم على إتاحة هذه الفرصة لإطلاع مجلس الأمن على آخر المستجدّات اليوم. 

لا يمرّ يوم إلا ويعمّق البؤس والمعاناة التي يكابدها الناس في غزة. 

فالتقارير تفيد بأن عدد الأشخاص الذين قُتلوا في غزة يتجاوز الآن 26,000، وأن عدد من أُصيبوا يتخطى 65,000 وفقًا لوزارة الصحة في غزة. والغالبية الساحقة من هؤلاء هم من النساء والأطفال. 

ولا يزاول سوى 14 من أصل 36 مستشفى في غزة عمله، وهذه لا تعمل إلا جزئيًا. وتواجه تلك المستشفيات نقصًا حادًا في الطواقم واللوازم الطبية. 

ويتواصل القتال العنيف بجوار مستشفييْ ناصر والأمل في خانيونس، مما يُعرّض سلامة أفراد الطواقم الطبية والمصابين والمرضى للخطر، فضلًا عن آلاف النازحين الذين يلتمسون المأوى هناك. 

ولا يزال هذا القتال الضاري في محيط خانيونس يدفع الآلاف من الناس إلى رفح، التي تستضيف في الأصل أكثر من نصف سكان غزة البالغ تعدادهم 2.2 مليون نسمة. 

وتشير التقارير إلى أن أكثر من 60 بالمائة من الوحدات السكنية في شتّى أرجاء غزة طالها التدمير أو لحقت بها الأضرار. 

ونقدّر الآن أن نحو 75 بالمائة من مجموع السكان نازحون، وظروفهم المعيشية متردية وتزداد سوءًا يومًا بعد يوم. 

وتغمر الأمطار الغزيرة الخيام في المخيمات المؤقتة، مما يجبر الأطفال وآباءهم وكبار السن على النوم في الوحل. 

وانعدام الأمن الغذائي آخذ في الازدياد. 

ويكاد الحصول على المياه النظيفة يكون من ضرب المستحيل. 

ومع قلة الدعم المتاح في مجال الصحة العامة، تتفشى الأمراض التي يمكن الوقاية منها، وسوف تستمر في الانتشار.

السيد الرئيس، 

مثلما ذكرتُ في إحاطتي للمجلس قبل أسبوعين، يُتوقع أن يفضي اتساع رقعة الأعمال القتالية وامتدادها إلى الجنوب – وما يقترن بها من تزايد الحرمان واليأس في أوساط الناس هناك – إلى زيادة وطأة الضغط الذي يفرض تهجير الناس على نحو جماعي إلى البلدان المجاورة. وقد تمكنّ بعض الفلسطينيين في غزة من مغادرتها عبر مصر. 

وفي هذه الأثناء، ثمّة أشخاص مصابون بجروح بالغة أو مرضى لا يملكون القدرة على تلقي الرعاية في غزة، ويجب تيسير عمليات الإخلاء الطبي لهؤلاء على وجه السرعة. 

فهذا يتماشى مع القانون الدولي الإنساني الذي يُشجع في حالات معينة اتخاذ الترتيبات لإجلاء المصابين والمرضى والأشخاص من ذوي الإعاقة، وكبار السن، والأطفال والحوامل. 

وأريد أن أؤكد مرة أخرى أنه يجب ضمان حق أي مُهجّرين من غزة في العودة الطوعية إليها، حسبما يقتضيه القانون الدولي. 

السيد الرئيس، 

أعرف أن المجلس سمع يوم أمس كلمة وكيلة الأمين العام كاغ، كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وشؤون إعادة الإعمار، عن الجهود التي تبذلها في سبيل تسريع وتيرة إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة. 

إن قدرة المجتمع الإنساني على الوصول إلى الناس في غزة وإمدادهم بالإغاثة لا تزال تعاني من قصور شديد. 

وليس هذا نابعًا من نقص في المحاولة. 

فنحن نوّزع المواد الغذائية على مراكز الإيواء ونقدّم الدعم لما تبقى من المخابز على الرغم من الظروف الخطيرة على الأرض. 

ونقدّم الأدوية واللوازم الطبية ونساعد في نقل المرضى. 

ونقدّم المياه ومستلزمات النظافة الصحية و التنظيف والخيام والشوادر والبطانيات. 

ولكن ذلك كله بكميات غير كافية إلى حدّ كبير. 

إذا كان للناس في غزة أن يتلقوا شيئًا يقارب حجم المساعدات الإنسانية التي يحتاجون إليها ويستحقونها، فيجب اتخاذ خطوات عاجلة. 

أولًا، يجب أن نملك القدرة على إيصال الإمدادات وتوزيعها في أمان. وهذا يعني أننا في حاجة إلى ضمانات أمنية تشهد تحسنًا ملحوظًا. 

وثانيًا، نحن في حاجة إلى تأمين تدفق الإمدادات على نحو يمكن التنبؤ به. 

وأخيرًا، نحتاج إلى إمكانية الوصول السريع ودون عقبات. 

ويجب أن يتاح إدخال الإمدادات الإنسانية إلى غزة عبر نقاط متعددة، من مصر وإسرائيل. فمن شأن ذلك أن يساعد في التغلب على المعوقات وتسريع إيصال الإمدادات. 

ولا نزال نواجه الرفض المتكرر لدخول المواد التي تمس الحاجة إليها إلى غزة من جانب إسرائيل، وذلك لأسباب تفتقر إلى الوضوح والاتساق وغالبًا ما ترد دون تحديد. 

كما يجب أن نملك القدرة على الوصول إلى المدنيين المحتاجين في شتّى أرجاء غزة. 

وفي الوقت الراهن، نفتقر إلى إمكانية الوصول إلى خانيونس والمنطقة الوسطى وشمال غزة إلى حد كبير. 

ويقود جيمي مكغولدريك، نائب المنسق الخاص والمنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية بالنيابة، الجهود الرامية إلى توسيع نطاق العمليات في مناطق حسّاسة. وتعتمد جهوده على الضمانات الأمنية وتيسير دخول وحركة الموظفين والإمدادات الحيوية. 

وسوف نعمل بصورة وثيقة، بالطبع، مع وكيلة الأمين العام كاغ في الجهود التي تبذلها من أجل تسريع إدخال المساعدات إلى غزة. 

السيد الرئيس، 

إن المجتمع الإنساني على نطاقه الواسع – بما فيه وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والصليب الأحمر والهلال الأحمر – يتعاون مع بعضه بعضًا لضمان وصول المعونات إلى الناس الذين يحتاجون إليها إلى أقصى حد ممكن. 

وقد كانت وكالة الأونروا في صميم ما تمكّنا من فعله. 

فالأونروا تقدّم المأوى، وتقدّم الغذاء والماء، وتقدّم المساعدات الطبية. 

وذلك كله في الوقت الذي يتعرّض فيه موظفوها للقتل والإصابة والنزوح. 

إنني أشعر بالاستياء من أن بعض موظفي الأونروا زُعم أنهم شاركوا في الهجوم على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر. ومن الضروري معالجة هذه المزاعم.

ولقد اتخذت الأونروا إجراءً عاجلًا، ولا يزال التحقيق جاريًا. 

ولكن الخدمات المنقدة للحياة التي تقدّمها الأونروا لما يزيد عن ثلاثة أرباع سكان غزة يجب الا تتعرّض للخطر بسبب الأعمال المزعومة التي أقدم عليها بضعة أفراد. 

وبالمثل، يجب ضمان الدعم الذي تقدمه الأونروا للفلسطينيين المحتاجين في الضفة الغربية، حيث تساورنا مخاوف كبيرة إزاء ترّدي الحالة فيها، وكذلك في لبنان والأردن وسوريا. 

بعبارة صريحة وبسيطة: إن استجابتنا الإنسانية للأرض الفلسطينية المحتلّة تعتمد على حصول الأونروا على التمويل المناسب وأن تزاول عملها .

إن الأونروا تضطلع بدور لا يمكن الاستغناء عنه على صعيد عمليات التوزيع والتخزين والأمور اللوجستية والموارد البشرية، حيث يستجيب 3,000 موظف يعمل لديها للأزمة الراهنة. 

ويجب الرجوع عن القرارات بشأن إيقاف التمويل عن الأونروا. 

السيد الرئيس، 

في الختام، أؤكد مجددًا مطالبتي بالامتثال للقانون الدولي الإنساني، بما يشمله ذلك من حماية المدنيين والبنية التحتية التي يعتمدون عليها. 

ويجب حماية المستشفيات والعاملين الطبيين والمرضى. ويجب حماية مصادر الغذاء والبنية التحتية للمياه والمنازل ومراكز الإيواء. 

وأؤكد من جديد دعوتي إلى إطلاق سراح جميع الرهائن على الفور ومعاملتهم معاملة إنسانية. 

وأؤكد مجددًا دعوتي إلى وقف إطلاق النار. 

وأحث هذا المجلس على بذل كل ما وسعه لإنهاء هذه المأساة. 

شكرًا لكم.