لقد أفضى استهداف البنية التحتية الخدماتية الرئيسية في التجمعات الضعيفة أصلُا في المنطقة (ج)، على مدى الأشهر القليلة الماضية، إلى استفحال البيئة القسرية وتعريض سكانها لخطر الترحيل القسري منها. ففي شهر آب/أغسطس، وعشية السنة الدراسية الجديدة، صادرت السلطات الإسرائيلية تسعة مبانٍ مخصصة للتعليم، وتقدم خدماتها لـ170 طفلًا في ثلاثة من هذه التجمعات.
وقد شهدت أعمال الهدم والمصادرة التي نُفذت في المنطقة (ج) تراجعًا عامًا منذ مطلع العام 2017، بالمقارنة مع الرقم القياسي الذي سجلته في العام 2016، ثم عادت مستوياتها إلى ما كانت عليه على مدى السنوات السابقة. وفي المقابل، استمرت أعمال الهدم في القدس الشرقية بذات المعدلات التي سُجلت في العام 2016 تقريبًا، والتي كانت الأعلى منذ العام 2000.
فخلال شهريّ آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر 2017، هدمت السلطات الإسرائيلية و/أو صادرت ما مجموعه 63 مبنى تعود ملكيته للفلسطينيين، مما أدى إلى تهجير 88 مواطنًا وإلحاق الضرر بـ1,200 آخرين. ويقع 40 مبنى من هذه المباني في المنطقة (ج) و18 مبنى في القدس الشرقية، وقد هُدمت كلها بحجة عدم حصولها على التراخيص الإسرائيلية التي يُعد الحصول عليها ضربًا من المستحيل. وتقع المباني الخمسة الأخرى في المنطقة (ب) من قرى دير أبو مشعل وكوبر وسلواد في محافظة رام الله. وتعود هذه المنازل لأسر منفذي هجمات/أشخاص اشتُبه في تنفيذهم هجمات ضد القوات الإسرائيلية والمستوطنين الإسرائيلية خلال العام 2017.
وشملت المباني التعليمية، التي صودرت في شهر آب/أغسطس، على ستة بيوت متنقلة كانت تُستخدم كغرف صفية في خربة جب الذيب بمحافظة بيت لحم (انظر دراسة الحالة أدناه)، بالإضافة إلى روضة أطفال جديدة وجهازين لتوليد الكهرباء بألواح الطاقة الشمسية في تجمّعيّ جبل البابا وأبو نوار بمحافظة القدس.
والتجمعان الأخيران هما من بين التجمعات البدوية الفلسطينية الـ46 الواقعة في وسط الضفة الغربية، والتي يُعتقد أنها معرضة لخطر محدق يهدد بترحيل سكانها قسرًا منها، وذلك على أساس خطة أعدتها السلطات الإسرائيلية "لنقلهم" من تجمعاتهم. وفي هذا الشأن، نشر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في شهر آب/أغسطس 2017، نتائج تقييم أجراه لهذه التجمعات بغية مسح مواطن الضعف التي تعتريها وتحديد احتياجاتها في مختلف القطاعات (انظر إطار التجمعات البدوية أدناه).
وكانت جهات مانحة دولية قد مولت كمساعدات إنسانية جميع المباني المخصصة للتعليم المشار إليها أعلاه، باستثناء مبنى واحد منها، إلى جانب ستة مباني أخرى . وبذلك، يصل عدد المباني التي مولتها جهات مانحة وجرى هدمها أو مصادرتها إلى 95 مبنى منذ مطلع العام 2017. ويشكل هذا العدد ما نسبته 29% من مجموع المباني التي استُهدفت خلال هذه الفترة (وهي نفس النسبة التي سُجلت في العام 2016 تقريبًا).
ووفقاً لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية، فهناك ما لا يقل عن 50 مدرسة في المنطقة (ج) بانتظار تنفيذ أوامر الهدم أو أوامر وقف أعمال البناء صدرت من السلطات الإسرائيلية. وقد خلص مشروع موجز بيانات مواطن الضعف، الذي نفذه شركاء العمل الإنساني في العام 2013، أن 36% من المناطق السكنية في المنطقة (ج) (189 من أصل 532 منطقة) لا يوجد فيها مدارس أساسية. وأفاد هذا المشروع بأن الأطفال يُجبرون على المرور عبر حواجز عسكرية للوصول إلى مدارسهم في 31 تجمّع من هذه التجمعات، وبأنهم يواجهون مضايقات المستوطنين وهم في طريقهم إلى مدارسهم في 29 تجمع منها.[12]
وتشير الأدلة المتواترة إلى أن قصور البنية التحتية اللازمة للمدارس في المنطقة (ج) والعقبات التي تحول دون الوصول إلى المدارس الواقعة خارج هذه المجتمعات أفرزت نطاقًا من الآثار السلبية، التي شملت ارتفاع معدلات التسرب من المدارس، ولا سيما بين الفتيات، وانتقال الأطفال للعيش مع أسر مضيفة تقطن على مقربة من المدارس التي يداومون فيها.
في شهر أيار/مايو 2017، نفذ مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية مسحاً استقصائيًا شمل 46 تجمعًا بدويًا/رعويًا من التجمعات التي تقع في وسط الضفة الغربية وتعد معرضة لخطر محدق يهدد بترحيل سكانها قسرًا منها. وخلص هذا المسح، الذي استند إلى مقابلات أجريت مع مبلِغين رئيسيين، إلى أن ما يربو على 8,100 شخص يقيمون في هذه التجمعات في هذه الآونة وأن هؤلاء يعانون من طائفة من مواطن الضعف بدرجات متفاوتة. وما يزيد على 70% من سكان هذه التجمعات لاجئون فلسطينيون مسجلون لدى وكالة الأونروا، ونحو 80% منهم نساء وأطفال. فيما يتعلق بالوصول إلى الخدمات:
وقد شهد ما مجموعه 36 تجمعًا من هذه التجمعات تنفيذ أعمال الهدم فيها على مدار السنوات التسع الماضية. وأشارت 57% من الأسر التي تقطن في تلك التجمعات إلى وجود أمر واحد على الأقل بانتظار التنفيذ لهدم منازلها أو المباني التي تؤمّن لها سبل عيشها أو وقف العمل على بنائها.
وجميع بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية منشورة على لوحة معلومات يمكن إجراء بحث شامل فيها على شبكة الإنترنت. وهذه اللوحة مقسمة إلى عدة موضوعات.
آخر التطورات: أعادت السلطات الإسرائيلية، في أواخر شهر أيلول/سبتمبر، الألواح الشمسية والمعدات التي صادرتها للتجمع. ثم أعيدَ تركيب النظام. وجاء ذلك بعد مطالبة هولندا بذلك والالتماس الذي رفعه المجلس القروي والمنظمة غير الحكومية التي نفذت المشروع إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية ضد المصادرة..
تقع خربة جب الذيب، التي تؤوي نحو 160 مواطنًا، شرق محافظة بيت لحم، وهي من جملة التجمعات الواقعة في المنطقة (ج). وقد أشار بعض سكان الخربة إلى أن تجمّعهم قائم في موقعه هذا منذ العام 1929 على الأقل.
ويُعد العمل في إسرائيل والمستوطنات الإسرائيلية، ولا سيما في قطاع البناء، مصدر الدخل الرئيسي لمعظم الرجال في جب الذيب. وقد تسبب وتيرة التوسع الاستيطاني المتسارعة، وما يرافقها من أعمال الترهيب والقيود المفروض على الوصول إلى الأراضي، في تقويض نشاطيّ الرعي والزراعة اللذين كانا يشكلان المصدر الرئيسي للدخل في الخربة.
وتقع مستوطنتان تكتسبان طابعًا رسميًا على مسافة لا تبعد سوى ثلاثة كيلومترات من خربة جب الذيب، وهما مستوطنتا تقوَع ونوكديم. وقد شهدت هاتان المستوطنتان توسعًا في ستة مواقع مجاورة، حيث أقيمت فيها بؤر استيطانية غير مصرح بها، دون الحصول على تراخيص أو موافقة رسمية من السلطات الإسرائيلية (وهذه البؤر هي: تقوَع (ب)، وتقوَع (ج)، وتقوَع (د)، ومعاليه ريحفعام، وكفار إلداد، وسدي بار). وعملت السلطات الإسرائيلية، على مدى السنوات القليلة الماضية، على "إضفاء صفة قانونية" على هذه المستوطنات من خلال إقرار مخططاتها الهيكلية بأثر رجعي أو مباشرة الإجراءات التي تفضي إلى إقرارها.
وفي المقابل، تمتنع إسرائيل عن إصدار مخطط هيكلي لخربة جب الذيب، وهو ما يحول دون حصول سكان الخربة على التراخيص اللازمة لبناء منازلهم أو إقامة سبل عيشهم أو تشييد شبكات البنية التحتية الخدماتية. وقد تسبب هذا الوضع في عوق مشاريع التنمية ووضع مباني الخربة تحت خطر هدمها أو مصادرتها. وقد أعدت وزارة الحكم المحلي في السلطة الفلسطينية مسودة مخطط هيكلي وقدمته للإدارة المدنية الإسرائيلية في شهر آب/أغسطس 2012، وما يزال هذا المخطط بانتظار المصادقة عليه.
ومع أن هذا التجمع موصول بشبكة المياه التي تشغّلها شركة المياه الإسرائيلية – ميكوروت، فقد رفضت الإدارة المدنية الإسرائيلية طلبات متعددة لم يزل يقدمها سكان الخربة منذ العقد الثامن من القرن الماضي لربطها بشبكة الكهرباء، بحجة أنها تفتقر إلى مخطط هيكلي. ونتيجةً لذلك، يعتمد سكان الخربة على مولد كهربائي مشترك قدمته السلطة الفلسطينية لهم، حيث يزودهم بالكهرباء لمدة تتراوح من ساعتين إلى ثلاث ساعات في اليوم وبتكلفة شهرية تصل إلى 150 شيكلًا للأسرة الواحدة. ووفقاً للمجلس القروي، فقد دفع العجز عن البناء في الخربة، ناهيك عن القيود المفروضة على وصول السكان إلى أراضيهم وحصولهم على الخدمات، بالأزواج الشابة إلى مغادرتها خلال السنوات القليلة الماضية.[13]
ولمعالجة هذا الوضع، ركّبت منظمة غير حكومية إسرائيلية-فلسطينية نظامًا شمسيًا من خارج الشبكة، بالشراكة مع منظمة نسوية خيرية محلية وبتمويل من هولندا، خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2016، من أجل توفير الكهرباء لـ31 أسرة وعيادة متنقلة ومسجد وروضة أطفال وخمس ورش عمل. وفي 28 حزيران/يونيو 2017، اقتحمت القوات الإسرائيلية خربة جب الذيب دون أي أمر أو سابق إنذار وصادرت جميع اللوحات الشمسية، التي يبلغ عددها 96 لوحة والمعدات المتصلة بها، وألحقت أضرارًا جسيمة ببعض هذه المعدات.
وكانت خربة جب الذيب تفتقر إلى مدرسة أساسية. وكان ذلك يضطر نحو 60 طفلاً للالتحاق بالمدرسة الواقعة في قرية بيت تعمر القريبة منها. وفي شهر آب/أغسطس 2017، ركّبت أحدى المنظمات غير الحكومية الدولية ستة بيوت متنقلة بغية استخدامها كغرف صفية في مدرسة جديدة تتولى وزارة التربية والتعليم الفلسطينية إدارتها. وبعد ذلك ببضعة أيام، فكّكت القوات الإسرائيلية هذه البيوت المتنقلة وصادرتها دون سابق إنذار. وشيّد سكان الخربة وقرى بيت تعمر وزعترة مبنى إسمنتيًا ليحل مكان البيوت المتنقلة على مدى يوميّ 8 و10 أيلول/سبتمبر بدعم من السلطة الفلسطينية. والتحق 60 طفلًا من أبناء الخربة وأطفال آخرون من التجمعات المجاورة بهذه المدرسة وانتظموا بالدراسة فيها في هذا العام الدراسي الجديد.
[12] مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تقرير خاص: "التهجير وانعدام الامن في المنطقة (ج) في الضفة الغربية" آب/أغسطس 2011.
[13] منشور على الموقع الإلكتروني