قصة نجاح سجلها الصندوق الإنساني للأرض الفلسطينية المحتلة
بلغت الكوابيس التي كانت تنتاب صلاح نهايتها أخيرًا. ففي أيار/مايو 2021، نجا صلاح الذي كان يبلغ من العمر ستة أعوام من انفجار هائل سببته قنبلة سقطت على مسافة قريبة للغاية من منزله. ويسكن صلاح في قطاع غزة، الذي شكل في ذلك الوقت بؤرة لتصعيد الأعمال القتالية التي استمرت 11 يومًا بين القوات الإسرائيلية والجماعات المسلحة الفلسطينية. وأفرزت أيام وليالٍ طوال من القصف المكثف أثرها النفسي على جميع الناس في شتى أرجاء هذا الجيب المحاصر، وخصوصًا على الأطفال.
وبعد هذا الحادث، شعر صلاح بقدر متزايد من انعدام الأمان. فصار يتعلق بوالديه ويرفض الذهاب إلى الحمّام وحده. وكان في حاجة إلى من يرافقه في غرفة نومه أيضًا، حيث كانت تنتابه كوابيس متكررة عن الحرب.
وفي المدرسة، أصبحت المحافظة على التركيز تحديًا رئيسيًا. ولاحظ والدا صلاح أنه يعيش الحدث الصادم من جديد عندما يلعب من أقرانه. وكان سماع الأخبار عن احتمال اندلاع حالة جديدة من تصعيد الأعمال القتالية، وهو واقع شائع في غزة، يصيبه بالتوتر والاضطراب. ولاحظ والداه ومعلموه مدى ما أصبح عليه صلاح من الانزعاج والعدوانية.
اتصلت والدة صلاح، عندما أدركت أن ابنها في حاجة إلى الدعم المهني، بخط هاتفي ساخن للمشورة يشغله برنامج غزة للصحة النفسية، وهو أحد شركاء منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، بدعم من الصندوق الإنساني للأرض الفلسطينية المحتلة.
وبناءً على تحويلة من المستشار على الخط الساخن، أخذ والد صلاح ابنه إلى مركز مجتمعي يديره برنامج غزة للصحة النفسية في خانيونس، وهي المدينة التي يقيمان فيها، حيث عمل فريق متعدد التخصصات على تقييم حالته وشخّص إصابته بالاضطرابات النفسية اللاحقة للصدمة. ووضع فريق المركز خطة علاجية تضمنت العلاج النفسي والعلاج باللعب وتقديم المشورة للأسرة.
ومن خلال الصندوق الإنساني، دعمت اليونيسف منظمتين شريكتين في تقديم خدمات الحماية والدعم النفسي من خلال الخطوط الساخنة التي تشغلها. وحصل ما لا يقل عن 1,104 أطفال (39 بالمائة منهم فتيات) و1,774 بالغًا (42 بالمائة منها نساء) على خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي عن بعد، حيث قدمت للمتصلين الفرصة للتنفيس لمهني متخصص وساعدتهم على فهم الحالة والاستعانة بالمصادر المتاحة لتقديم الدعم. وتم تحويل المتصلين الذين احتاجوا إلى دعم أكثر تخصصًا في الصحة النفسية للحصول على الدعم المطلوب.
وقال والد صلاح وهو يشعر بالارتياح، «توقفت الكوابيس. إنه الآن يذهب إلى الحمام دون أن يطلب منا أن نرافقه، بل إنه ينهي كل واجباته المدرسية بخلاف ما كان عليه الحال من قبل.» وبينما يشعر صلاح بقدر أكبر من الأمان، فهو لم يتعافَ بالكامل بعد ولا يزال يتلقى العلاج في مركز برنامج غزة للصحة النفسية.