شهد قطاع غزة وجنوب إسرائيل، بين يومي 25 و27 آذار/مارس، واحدةً من أخطر حالات تصعيد الأعمال القتالية منذ العام 2014، حتى تلك الفترة، وذلك بعد أن أُطلِق صاروخ من غزة، وأدّى إلى إلحاق أضرار جسيمة بمنزل في وسط إسرائيل وإصابة سبعة إسرائيليين بجروح. وعقب هذه الحادثة، قصفت القوات الجوية الإسرائيلية مواقع متعددة في مختلف أنحاء قطاع غزة، بينما أطلقت الجماعات المسلحة الفلسطينية العشرات من القذائف باتجاه جنوب إسرائيل.
ووفقًا لمجموعة المأوى، وبناءً على الإحصائيات الصادرة عن وزارة الإسكان والأشغال العامة، أدّت الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت غزة إلى تدمير 32 وحدة سكنية و33 وحدة أخرى غير سكنية، وإلحاق أضرار جسيمة بمنزلين والتسبُّب بأضرار جزئية لنحو 180 وحدة سكنية. ونتيجةً لذلك، فقد هُجِّرت 16 أُسرة، تضمّ 83 شخصًا، بمن فيهم 44 طفلًا. وفي سياق الإستجابة لاحتياجات الأُسر المهجَّرة، أَجْرَت اللجنة الدولية للصليب الأحمر/جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تقييمًا ووزعت الفرشات والبطانيات ومستلزمات النظافة الصحية وأواني الطهي وحفاظات الأطفال. وقدّمت وزارة الإسكان والأشغال العامة المساعدات النقدية وعملت بالتنسيق مع المنظمات المتخصصة الأخرى على تأمين المساعدات لدفع الإيجار لمدة سنة واحدة لصالح تلك الأُسر.
أسفر تصعيد الأعمال القتالية الذي شهده قطاع غزة بين شهريْ تموز/يوليو وآب/أغسطس 2014 عن أكبر موجة من موجات التهجير الداخلي منذ العام 1967، حيث جرى تدمير 17,800 منزل أو إلحاق أضرار فادحة بها. ووفقًا لمجموعة المأوى، لا يزال أكثر من 2,200 أُسرة، أو 12,300 فرد، مهجَّرين حتى شهر شباط/فبراير 2019. وفي الإجمال، لا تزال الحاجة تستدعي تأمين مبلغ قدره 128.5 مليون دولار للوفاء بالإحتياجات القائمة منذ صراع العام 2014، بما فيها ترميم المساكن (75 مليون دولار)، وإعادة تشييد المنازل (47 مليون دولار) والمساعدات النقدية (6.5 مليون دولار).
وقد أطلقت مجموعة المأوى مناشدةً لتقديم مبلغ قدره 11.4 مليون دولار من أجل غزة في خطة الإستجابة الإنسانية للعام 2019، ولكن لم يجرِ استلام أي تمويل يُذكر حتى نهاية شهر نيسان/أبريل. ونتيجةً لذلك، باتت المنظمات الشريكة عاجزةً عن تأمين أهم الإحتياجات الأساسية للأُسر المهجرة. ولا يمكن تقديم الدعم لأولئك الذين جرى إخلاؤهم، أو يتعرضون لخطر الإخلاء، بسبب عجزهم عن دفع الإيجار في ظل ظروف تشهد تدهورًا خطيرًا على الصعيدين الإجتماعي والإقتصادي.
وتحُول فجوات التمويل التي تعصف بالمجموعة دون تنفيذ العديد من المشاريع في غزة، ومن جملتها المساعدات النقدية للمأوى الانتقالي للمهجَّرين، والمساعدات النقدية أو المواد غير الغذائية للاجئين الفلسطينيين، ومساعدات الإصلاح والتأهيل لصالح الأُسر الأكثر ضعفًا والمعرّضة للأحوال الجوية القاسية أو تواجه شواغل تتصل بحمايتها، وتجهيز المدارس والمستشفيات والمراكز المجتمعية التي تُستخدم كمراكز إيواء خلال الأعمال القتالية.
فقدَ رجب الغزالي، الذي يبلغ من العمر 64 عامًا، منزله في مدينة غزة في يوم 25 آذار/مارس 2019 بعدما دُمِّرت البناية السكنية ذات الطوابق الأربعة التي كان يقطن فيها في غارة جوية. ووفقًا لرجب، كان 27 شخصًا، بمن فيهم 17 طفلًا، يسكنون في هذه البناية.
"تلقّينا اتصالًا من السلطات الإسرائيلية، حيث أبلغتنا فيه بأن البناية ستتعرض للإستهداف وأمرتنا بإخلائها. وتلقّى جيراني الإتصال نفسه. لم نصدّق هذا الأمر في بادئ الأمر، ولكن ضرب صاروخ تحذيري البناية بعد دقائق معدودة، فهرولنا إلى الخارج لكي ننجو بحياتنا.
"كان الوضع بالغ الصعوبة. فقد استيقظ الأطفال من نومهم فزعين وأجهشوا بالبكاء. ولم يكن لدينا وقت لنأخذ أي من مقتنياتنا. كنّا جميعًا نركض في الشارع ونبحث عن مأوى في منزل أحد أقاربنا.
"لقد ضاع كل شيء: النقود وقطع الأثاث والمقتنيات الشخصية. وقد تمكّنّا من العودة إلى موقع البناية واستعادة بعض القطع من تحت الركام بعدما هدأ الوضع. ونحن الآن نقيم في منزل بصورة مؤقتة. لقد انقلبت حياتنا رأسًا على عقب.
"وقد استلمنا دفعة واحدة فقط قدرها 1,000 دولار من وزارة الإسكان والأشغال العامة، إلى جانب مساهمات يسيرة لشراء بعض الملابس، بما أننا فقدنا منزلنا قبل شهر. ونحن نبيع الحلويات في الشارع لنكسب قُوتنا."
وتضيف زوجة رجب، عالية، القول: "لا نكاد نتدبّر أمرنا. فليس لدينا ثلاجة، ونغسل ثيابنا وننتظرها حتى تجفّ لكي نرتديها مرةً أخرى."
وقالت زوجة ابنهما التي تقطن معهما في المنزل نفسه: "ترتاد ابنتي البالغة من العمر أربعة أعوام الروضة. وقُدِّم لها زيّ جديد وحقيبة جديدة ومواصلات مجانية. وهي تمرّ من أمام بنايتنا المدمَّرة كل يوم وتقول لي: ’لقد رأيت منزلنا المدمّر اليوم. وتجري إزالة الركام عن الأرض. لقد ضاع منزلي.‘"