ابنة شذى غريفات تستخدم مجموعة أدوات مقدمة للأسرة لمساعدتهم نفسيًا على التعامل مع تصاعد العنف. تصوير جمعية العون الطبي للفلسطينيين
ابنة شذى غريفات تستخدم مجموعة أدوات مقدمة للأسرة لمساعدتهم نفسيًا على التعامل مع تصاعد العنف. تصوير جمعية العون الطبي للفلسطينيين

الصحة النفسية تحت وطأة الحرب: أم تعيل أطفالها في خضم الاقتحامات المسلّحة المفجعة

شذى غريفات ممرضة متفانية وأم لثلاثة أطفال، تعيش في مخيم نور شمس للاجئين في شمال الضفة الغربية. وبصفتها مقدمة رعاية مهنية وأم لأطفالها، تواجه تحديات يومية لتربيتهم، ومن بينهم ابنتها الصغرى التي تعاني من تأخر في النمو، في ظل الخطر المتواصل من اندلاع أعمال العنف. وباتت أسرتها ترزح تحت وطأة تصاعد أعمال العنف في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، ولا سيما مع احتدام العمليات التي تنفذها القوات الإسرائيلية في المناطق السكنية في الضفة الغربية، بما في ذلك منطقتهم.

وفي مواجهة هذه التحديات، وجدت شذى بعض الراحة من خلال مشروع خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي الذي تقوده جمعية العون الطبي للفلسطينيين ويدعمه الصندوق الإنساني للأرض الفلسطينية المحتلّة. وكجزء من جهد أوسع نطاقًا يدعم مئات الآلاف في شتّى أرجاء الضفة الغربية، قدمت هذه المبادرة لشذى وأسرتها موارد أساسية من بينها مجموعة أدوات الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي وجلسات الإسعافات الأولية النفسية وورشات عمل حول الرعاية الذاتية. ولعبت هذه الأدوات دورًا حيويًا في مساعدتهم على التعامل مع الآثار النفسية الناجمة عن تعرضهم لانعدام الأمن والعنف.

الصورة
شذى غريفات مع ابنتها. تصوير جمعية العون الطبي للفلسطينيين

وقالت لنا شذى وهي تتحدث عن الدعم الذي تلقته «كنت بحاجة إلى تعلم كيفية الاعتناء بنفسي... كي أساعد نفسي وأطفالي والمرضى الذين أقابلهم كل يوم.» وأضافت أن مجموعة أدوات الرعاية كانت ذات فائدة كبيرة خلال إحدى العمليات التي نفذتها القوات الإسرائيلية في المخيم في شهر نيسان/أبريل 2024. ففي خضم تلك اللحظات العصيبة، استخدمت شذى المجموعة لتهدئة أطفالها، حيث قدمت لهم الألعاب والأنشطة التي ساعدتهم على التعبير عن مشاعرهم والتغلب على خوفهم.

وشكّلت محافظة طولكرم، التي يقطنون فيها، مركز أعمال العنف التي باتت تتفاقم بصورة متزايدة. ففي الفترة الواقعة بين 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 و22 تموز/يوليو 2024، قُتل 124 فلسطينيًا في هذه المحافظة، وهو ما يمثل 22 بالمائة من إجمالي عدد القتلى الذين سقطوا في الضفة الغربية خلال تلك الفترة. كما هُجّر 1,433 شخصًا في مختلف أنحاء الضفة الغربية، ولا سيما في جنين وطولكرم، نتيجةً للدمار الذي طال منازلهم خلال هذه العمليات. وقد أدى الدمار، إلى جانب تبادل إطلاق النار بين الفلسطينيين والغارات الجوية الإسرائيلية في المناطق السكنية، إلى انقطاع الضروريات الأساسية كالماء والكهرباء عن الكثيرين، مما زاد من تفاقم الضغط النفسي على السكان.

تُعد المشاريع كمبادرة الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي التي تنفذها جمعية العون الطبي للفلسطينيين ذات أهمية بالغة في تقديم خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي للأسر مثل أسرة شذى. ومع تواصل أعمال العنف في تعطيل حياة سكان الضفة الغربية، تضطلع هذه الجهود بدور حيوي في مساعدة المجتمعات المحلية على دعم بعضها البعض في ظل العنف المستمر الذي تتعرّض له.