السيدة جويس مسويا، مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسقة الإغاثة في حالات الطوارئ بالإنابة
نيويورك، 29 آب/أغسطس 2024
[كما تم إلقاؤها]
شكرًا سيدي الرئيس.
السيد الرئيس، أعضاء المجلس، أشكركم على إتاحة هذه الفرصة لاطلاعكم على الحالة الإنسانية في غزة.
اسمحوا لي أن أستهلّ إحاطتي بتكرار ما أعرب عنه الأمين العام من قلق بالغ إزاء التدهور الأخير الذي شهدته الضفة الغربية المحتلّة، ودعوته إلى الوقف الفوري لهذه العمليات.
السيد الرئيس، إن الحالة في غزة أكثر من مأساوية. فمنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، قدمنا إحاطة أمام المجلس حول المعاناة غير المقبولة التي يتعرّض لها المدنيون من النساء والرجال والأطفال، وذلك في أكثر من اثنتي عشرة مناسبة.
لقد أبلغناكم مرارًا وتكرارًا بالمستويات المروعة من الموت والإصابات والدمار التي تثير مخاوف جدّية للغاية بشأن الامتثال للقانون الدولي الإنساني.
وحتى تاريخه، قُتل ما يزيد عن ألف شخص في إسرائيل، من بينهم أولئك الذين قُتلوا في 7 تشرين الأول/أكتوبر، ولا يزال 108 رهائن في عداد الأسرى، وتشكل ظروفهم ومعاملتهم مصدر قلق بالغ.
قُتل أكثر من 40,000 شخص وأصيب أكثر من 93,000 آخرين في غزة، من بينهم العديد من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في غزة.
كما أن هناك أكثر من 17,000 طفل فلسطيني غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عن أقاربهم وأولياء أمورهم.
يزداد عدد التقارير التي تفيد بسوء معاملة المحتجزين من الفلسطينيين في إسرائيل.
وتواجه استجابتنا الإنسانية التي تواجه تحديات بالفعل صعوبات غير مسبوقة.
ففي الأسبوع المنصرم وحده، تعرّضت فرقنا للنزوح وإطلاق النار. وقد فقدنا مكاتبنا ومستودعاتنا، ولا تزال الإمدادات المحدودة تتضاءل.
تعرّض زملائنا من برنامج الأغذية العالمي لإطلاق نار منذ يومين على الرغم من أنهم كانوا يستقلون مركبة تحمل شعار المنظمة، ونجوا بمحض الحظ.
لا يمكننا أن نخطط قبل أكثر من 24 ساعة لأننا نواجه صعوبة في معرفة ما هي الإمدادات التي سنحصل عليها، ومتى سنحصل عليها أو أين سنتمكن من إيصالها. ولا يمكن أن تعتمد حياة 2.1 مليون نسمة على الحظ والأمل وحدهما.
السيد الرئيس، ازدادت أوامر الإخلاء التي أصدرها الجيش الإسرائيلي بشكل كبير، وكانت لها آثار مدمرة على المدنيين. وقد صدر حتى الآن من هذا الشهر 16 أمرًا. وبين يومي 19 و24 آب/أغسطس، صُدرت خمسة أوامر مماثلة، وهو أكبر عدد من الأوامر التي صُدرت في أسبوع واحد منذ بداية هذه الأزمة.
وقد ألحقت هذه الأوامر الضرر بربع مليون شخص في 33 حيًا في دير البلح وخانيونس وشمال غزة.
كما تضررّ مستشفى الأقصى، أحد آخر المستشفيات الكبيرة التي لا تزال تعمل في غزة، فضلاً عن العيادات الصحية وآبار المياه ومحطة تحلية المياه وخزان مياه نتيجة لهذه الأوامر الأخيرة. كما انخفض إنتاج المياه في دير البلح بنحو 85 بالمائة.
وأدى أمر الإخلاء الذي صدر لاحقًا في 25 آب/أغسطس إلى أكبر عملية نقل لموظفي الأمم المتحدة منذ أن أُجبرنا على مغادرة شمال غزة في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2023. وخلال الأيام الأخيرة، لحقت الأضرار بنحو 200 موظف إلى جانب تسعة من دور الضيافة التابعة للأمم المتحدة وأربعة مستودعات تابعة لها وستة دور ضيافة تابعة للمنظمات غير الحكومية.
كما خضع أكثر من 88 بالمائة من أراضي غزة لأوامر الإخلاء في مرحلة من المراحل. وتعيش المجتمعات في حالة من عدم اليقين، إذ لا تعلم أبداً متى سيصدر الأمر المقبل بالإخلاء. ويُجبر المدنيون على التواجد في مساحات ما فتئت تتضاءل، والتي تمثل الآن ما يعادل 11 بالمائة فقط من أراضي غزة.
من الصعب وصف المعاناة الهائلة التي يواجهها السكان في سبيل تأمين المأوى والضروريات الأخرى.
تُستخدم كل قدم مربع من الأراضي المتاحة للمأوى. حتى أنه تم بناء مخيمات مؤقتة على الشاطئ وصولاً إلى حافة المياه. ويبدو أن أوامر الإخلاء هذه تتحدى متطلبات القانون الدولي الإنساني.
وبالتالي، يسرّنا أن نسمع في هذا الصباح أنه في أعقاب دعوات الأمم المتحدة والدول الأعضاء، تراجع الجيش الإسرائيلي عن الأوامر بإخلاء ثلاث مربعات سكنية في الأحياء الجنوبية من دير البلح. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إلغاء أوامر الإخلاء منذ بداية النزاع. وتعمل فرقنا على التحقق مما إذا كان بإمكاننا الآن العودة إلى المباني التي أُجبرنا على مغادرتها في 25 آب/أغسطس.
السيد الرئيس، يشعر المدنيون بالجوع والعطش. ويعانون من المرض. لقد نزحوا من منازلهم. وهم يعانون من أوضاع تفوق حدود التحمّل، بل وتتجاوز ما يجب أن يتحمله أي إنسان.
تواصل الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني بذل قصارى جهدها بقيادة منسق الشؤون الإنسانية، السيد مهند هادي. ولا نزال نعمل على الأرض ونخطط بقدر الإمكان في ظل هذه الظروف العصيبة.
وعلى الرغم من عدم كفاية المخزونات، لا يزال شركاؤنا يقدمون خدمات المساعدة والحماية. ويتضمن ذلك تقديم المواد الغذائية والاستشارات في مجال الرعاية الصحية، فضلًا عن توفير مواد الإيواء عند الإمكان. كما أنهم يقومون في خضم الدمار بتهيئة مساحات لتعليم الأطفال.
وكما سنسمع من زميلي، نائب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور [مايكل] ريان، يعمل المجتمع الإنساني بشكل دؤوب لوقف انتشار فيروس شلل الأطفال، وهو مرض اعتقد العالم أنه قد تمت السيطرة عليه.
يسّرت إسرائيل دخول كافة لقاحات شلل الأطفال التي تم طلبها، إلى جانب المعدات اللازمة لتنفيذ حملة التطعيم. والأهم الآن هو ضمان الأمن والوصول اللازمين لتنفيذ هذه الحملة بشكل فعّال.
لست بحاجة إلى أن أخبركم كم سيكون الوضع كارثيًا في حال لم نتمكن من احتواء هذا المرض الذي يمكن تفاديه، وهو مرض لا يعرف أي حدود.
كما يجب توفير الوصول ذاته لكافة الإمدادات والخدمات المنقذة للأرواح في غزة.
نرحب بالجهود الدؤوبة التي تبذلها كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار، وتعاونها مع دول المنطقة وحكومة إسرائيل لتيسير وصول المساعدات إلى غزة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2720، ودعوتها إلى سلامة وأمن العاملين في المجال الإنساني وتهيئة بيئة مواتية لتعزيز العمليات الإنسانية.
السيد الرئيس، إن ما شهدناه خلال الأشهر الأحد عشر الأخيرة والذي ما زلنا نشهده يثير التساؤلات حول التزام العالم بالنظام القانوني الدولي الذي صُمم لمنع هذه المآسي. ويدفعنا هذا الأمر إلى طرح السؤال التالي: ما الذي حلّ بحسنا الأساسي بالإنسانية؟
في مواجهة هذه المعاناة الإنسانية غير المقبولة، نحن في حاجة إلى أن يتحرك مجلس الأمن وكافة الدول الأعضاء. ويزداد هذا الأمر إلحاحًا مع تصاعد التوترات بشكل خطير عبر أجزاء أخرى من الأرض الفلسطينية المحتلّة والمنطقة.
نحن بحاجة إلى الامتثال الصارم بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
يجب إطلاق سراح جميع الرهائن دون شروط. ويجب حماية المدنيين والوفاء باحتياجاتهم الأساسية، بما في ذلك ضمان تقديم المساعدات الإنسانية دون عراقيل في شتّى أرجاء غزة.
إننا نناشد أعضاء المجلس وكافة الدول الأعضاء استخدام السلطة المتاحة لهم لضمان احترام القانون الدولي ومكافحة الإفلات من العقاب والتوصل إلى وقف فوري للأعمال القتالية ووقف مستدام لإطلاق النار في غزة.
شكرًا لكم.