التصريحات التي أدلى بها روبرت بيبر، منسق الأنشطة الإنسانية والإنمائية للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة

إطلاق نداء الاستجابة الإنسانية – 2016  في الأرض الفلسطينية المحتلة

رام الله، 10 شباط/فبراير 2016

صباح الخير جميعا. نيابة عن الفريق القُطري الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة، أود أن أشكركم جميعا على حضوركم اليوم.

وعلى وجه الخصوص، أود أن أتقدم بالشكر الجزيل إلى معالي الوزير، وإلى حكومة دولة فلسطين، وخاصة الوزارات ذات العلاقة، لمشاركتها الفعالة في النداء الإنساني هذا العام. هذه خطوة حاسمة لضمان تكامل العمليات الإنسانية، وبالتوافق مع خطط وأولويات الحكومة.

وأود أيضا أن أشكر الجهات المانحة الحالية لدعمهم خطة الاستجابة للعام الماضي والتي جمعنا فيها 356 مليون دولار أمريكي – التي تجاوزت بقليل 50٪ من التمويل المطلوب - مما سمح لنا بتقديم؛ المساعدات الغذائية لأكثر من مليون شخص في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة؛ وتقديم مساعدات نقدية إلى 17,000 عائلة مهجرة في قطاع غزة وتقديم المساعدات الطارئة لأكثر من 180 أسرة متضررة من عمليات هدم منازلها في الضفة الغربية وساعدت في رصد وتوثيق ما يزيد عن 2,300 حادث انتهاك خطير يؤثر على 40,000 طفل تقريبا، وتحسين الخدمات المقدمة للعنف القائم على نوع الجنس، فضلا عن التدخلات الإنسانية في العديد من المجالات الأخرى.

هذا هو النداء الإنساني الـ 14 في الأرض الفلسطينية المحتلة. وتعتبر العملية الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة فريدة من نوعها بالنسبة للعمليات الأخرى في جميع أنحاء العالم لأن مصدر المعاناة والمحرك الرئيسي للاحتياجات الإنسانية ناجم عن حوالي 50 عاما من الاحتلال الإسرائيلي.

وقد وضع الاحتلال الإسرائيلي العديد من الفلسطينيين في ضعف شديد. سواء كانوا في المنطقة (ج) – التي تشكل 60 بالمائة من الضفة الغربية ولا تزال تحت السيطرة المدنية والعسكرية الإسرائيلية - أو في إحدى قرى أو أحياء القدس الشرقية المعزولة بين الجدار و"الخط الأخضر"، أو في قطاع غزة، المحتجزين في حصار بري وجوي وبحري، يعيشون في ظروف غير مستقرة تحفها المخاطر.

نظرة عامة على الاحتياجات الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة

مع بقاء المحرك الرئيسي للضعف الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة دون تغيير هذا العام، لا تزال الاحتياجات الإنسانية الملحة متواصلة:

- وبشكل عام، عدد الأشخاص الذين تتراوح حالتهم بين الشديدة والمتوسطة على ما نسميه مقياس "انعدام الأمن الغذائي"، أي الذين لا يتناولون ما يكفي من الطعام المغذي والمتنوع لتلبية حاجاتهم حسب المعايير الدولية الموصى بها، على الرغم من إنفاق الكثير من هذه الأسر ما يزيد عن نصف دخلها على الغذاء، يبلغ نحو 1.6 مليون شخص. وهذا نتيجة لارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين النساء والشباب، في الأرض الفلسطينية المحتلة وانخفاض دخل الأسر، وارتفاع تكلفة المعيشة (وبخاصة الأغذية) وتدهور مصادر كسب الرزق. 

- ولا يزال حوالي 92,000 فلسطيني مهجرين جراء الأعمال القتالية في قطاع غزة عام 2014. ونعلم جيدا أن نحو 90٪ منهم يواصلون البحث عن حلول دائمة، على الرغم من عثور الكثيرين منهم على حلول سكنية مؤقتة. ولا تقتصر المعاناة على عدم وجود منزل للعيش في – بل تشمل قدرة الناس على الوصول إلى الخدمات الأساسية، وقدرتهم على الاستمرار في الذهاب إلى المدرسة والعمل، لتوفير الغذاء لأسرهم، لإزالة تحديات العيش مع العجز، من أجل الشعور بالأمان والتغلب على أعراض الضيق النفسي.

- ما يزيد عن 8,000 نسمة في الضفة الغربية عرضة لخطر التهجير القسري. هؤلاء الفلسطينيين ليسوا معرضين لخطر تدمير منازلهم فقط، بل أيضا عرضة لإجبارهم على مغادرة مجتمعاتهم.

- يحتاج ما يزيد عن 200,000 طفل في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة إلى الدعم النفسي والاجتماعي والتدخلات الإنسانية. هؤلاء الأطفال كانوا ضحية العنف، أو شهدوا أحداثاً مؤلمة، مثل مقتل أحد أفراد الأسرة.

- لا يزال مئات الآلاف من الناس في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة يعانون جراء فرض قيود على الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما فيهم 300,000 امرأة بحاجة لخدمات لمعالجة العنف العائلي وغيره من أشكال العنف.

- ليست هذه سوى قليل من الاحتياجات التي حددتها الوكالات الإنسانية هذا العام.

الحماية: في صميم خطة الاستجابة الانسانية 

في برامجنا، نتحدث كثيرا عن الأرقام: أعداد المتضررين، وعدد الأشخاص المحتاجين.، وعدد الأشخاص الذين يتلقون المساعدة. ولكن، بالتأكيد، الفلسطينيين التي نخدمهم في الأرض الفلسطينية المحتلة ليسوا أرقاما. إنهم بشر. آباء وأمهات وأبناء وبنات.

إنهم بشر، لديهم احتياجات، نعم، ولكن أيضا لديهم حقوق. ولأنهم يعيشون تحت الاحتلال، من حقهم العيش بأمان. وحمايتهم، على سبيل المثال،  من التعرض للعقوبة على أفعال لم يرتكبونها بشكل فردي، أو التعرض لضغوط لترك مجتمعاتهم. وفقا لتقديراتنا، يبلغ عدد الفلسطينيين الذين يحتاجون إلى حماية فورية اليوم، نحو 1.8 مليون فلسطيني.

ونتيجة لذلك نضع على رأس أولوياتنا في تقديم المساعدة الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، حماية حقوق الفلسطينيين تحت الاحتلال، وفقا للقانون الدولي. وهذا هو الهدف الأساس في النداء الإنساني برمته، جنبا إلى جنب مع التزامنا بضمان استجابة حساسة ومنصفة بين الجنسين للفئات الأكثر ضعفا.

وتأخذ الحماية أشكالا عديدة. تتنوع بين التدابير غير المباشرة، بما فيها رصد عمليات هدم المنازل، والتفاوض على وصول موظفي المساعدة الإنسانية ومواد الإغاثة، والدعوة إلى تحميل المسئولية عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني، وحتى اتخاذ مزيد من التدابير المباشرة مثل مرافقة الطلاب الذين يتعرضون لعنف المستوطنين وهم في طريقهم إلى المدرسة، أو توفير المساعدة النفسية والاجتماعية لأطفال غزة، أو إزالة الأجسام غير المنفجرة في أعقاب الأعمال القتالية الأخيرة في قطاع غزة. ونأمل من خلال خطة الاستجابة تقديم المساعدات القانونية إلى نحو 23,000 شخص أفادوا بوقوع انتهاكات للقانون الإنساني الدولي أو أثناء الأزمة في قطاع غزة، وتقديم الدعم إلى 300,000 طفل تقريبا يحتاجون إلى استجابات نفسية واجتماعية وحماية الطفل، وحماية 225 تجمعا من خلال التواجد بهدف الحماية. 

واجب الحماية يتعلق بجميع أعمالنا الإنسانية ويبقى الأولوية الرئيسية لدينا. 

الوصول إلى الخدمات الأساسية ودعم آليات الصمود 

يتمحور النداء الإنساني حول اثنتين من الأولويات الرئيسية الأخرى:

الأولى، تقديم الخدمات الأساسية، لا سيما المياه والصحة والسكن والتعليم - إلى الفلسطينيين الأكثر عرضة لمنعهم حاليا من الوصول إلى هذه الحقوق على يد سلطة الاحتلال القائمة. وهذا ينطبق بصفة خاصة على الفلسطينيين في المنطقة (ج) والقدس الشرقية من الضفة الغربية، وعلى وجه الخصوص، في قطاع غزة، حيث أدى الحصار، تكرار الأعمال القتالية والانقسام السياسي الداخلي الفلسطيني أيضا إلى تدهور خطير في تقديم الخدمات الأساسية. هذا يعني أننا سنقدم المساعدة الطارئة إلى ما يزيد عن 250,000 طفل لم يعودوا قادرين على الوصول إلى حقهم في التعليم؛ أو المساعدة في الوصول إلى المياه الصالحة للشرب لـ 518,000 نسمة، وتقديم خدمة الرعاية الصحية المتنقلة إلى 170,000 نسمة، معظمهم من المنطقة (ج)، الذين يواجهون معيقات أمام وصولهم إلى الرعاية الصحية الأساسية. 

والأولوية الثانية هي دعم قدرة الأسر على مواجهة "الصدمات" المتكررة، مثل هدم المنازل أو فقدان مصادر كسب الرزق أو اندلاع العنف. ونشهد بشكل متزايد توجه الأسر إلى اتباع طرق سلبية لتلبية احتياجاتهم الأساسية، على سبيل المثال، إخراج أبنائهم من المدارس، أو تشجيع بناتهم على الزواج في سن مبكرة؛ لأنهم لم يعودوا قادرين على تحمل دفع الرسوم الدراسية. وتهدف التدخلات الإنسانية في هذا الإطار إلى دعم الأسر الأكثر ضعفا إلى حين التوصل إلى حل سياسي. 

طلب التمويل لعام 2016 

خطة الاستجابة الإنسانية 2016 تحتاج تمويلا يبلغ قدره 571 مليون دولار أمريكي من المجتمع الدولي لتنفيذ 206 مشاريع لمعالجة الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحا في الأرض الفلسطينية المحتلة. وفي حال حظيت هذه المشاريع بالتمويل، فسوف تنفذها 79 منظمة إنسانية، بما فيها 67 منظمة غير حكومية دولية ووطنية إلى جانب 12 وكالة من وكالات الأمم المتحدة. وتم تخصيص 323 مليون دولار تقريبا لتمويل جهود تعزيز الأمن الغذائي ونحو 112 مليون دولار أمريكي مخصصة لتقديم المأوى للفلسطينيين المحتاجين و 6,6 مليون دولار أمريكي لمعالجة مواطن الضعف القائم بين الجنسين.

65 بالمائة على الأقل من التمويل المطلوب يستهدف الوفاء بالحاجات الإنسانية في قطاع غزة، حيث تتفاقم المعاناة الناجمة عن الأعمال القتالية التي استمرت لمدة 51 يوما عام 2014، والحصار منذ ثماني سنوات والانقسامات الفلسطينية الداخلية التي صنعت مجموعة إضافية من الصدمات والضغوط. 

متطلبات هذا العام أقل بنسبة 19 بالمائة مقارنة بالعام 2015، ويرجع ذلك أساسا إلى الانخفاض الكبير في الطلب على المأوى في قطاع غزة، بسبب الحلول التي قدمتها قنوات إعادة الإعمار والانعاش. كلما تسارعت وتيرة جهود الإنعاش وإعادة الإعمار في قطاع غزة، كلما انخفض حجم الاحتياجات الإنسانية. 

ونظرا للاحتياجات الإنسانية التي نتناولها اليوم، لا بد أن نحظى بدعم دولي قوي للاستجابة لهذا النداء. ولكن، حتى لا نضطر إلى إطلاق نداءات إنسانية مثل التي نطلقها اليوم، وإلى جانب الحصول على هذا الدعم يجب أن نعلم أنه يجب معالجة الأسباب الجذرية لهذه الأزمة، من خلال التوصل إلى حل سياسي وهو أمر حيوي للمضي قدما. 

شكرا جزيلا.