يصادف يوم الأحد، 19 آب/أغسطس، اليوم العالمي للعمل الإنساني، وهو مناسبة سنوية تخصّصها الجمعية العامة للأمم المتحدة لرفع وعي حول ملايين الناس الذي يعرّضون أرواحهم للخطر من أجل تقديم الغذاء والمياه وغيرها من المساعدات للناس الذين هم في حاجة ماسّة إليها في النزاعات، وفي الكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ الأخرى. وفي هذا العام، يدعو العاملون في المجال الإنساني حول العالم إلى توفير قدر أكبر من الحماية للمدنيين والعاملين في المجالين الإنساني والصحي في مناطق النزاع.
وأُشِيد، في هذا اليوم، بالعاملين في المجال الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولا سيما زملائي المحليين، الذين دأبوا على مواجهة المخاطر التي تطال شخوصهم والاعتداءات التي تمسّ كرامتهم، وهم يواجهون نفس الظروف التقييدية التي تسبّب الأزمة الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة. وأُعرِب عن تقديري الخاص للعاملين في المجال الصحي في قطاع غزة، الذين ما يزالون يبذلون جهودًا بطولية، منذ يوم 30 آذار/مارس، في سبيل معالجة المصابين خلال المظاهرات على امتداد السياج الحدودي مع إسرائيل. وأُشعُر بالحزن حيال مقتل ثلاثة فلسطينيين من العاملين في المجال الصحي في هذا السياق ومستاء جدا من إصابة اكثر من 370 أخرين، والذين خاطروا بحياتهم وهم يحاولون إنفاذ حياة غيرهم من الفلسطينيين.
وعلى وجه العموم، فقد جرى تحديد مليونيْ فلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة على أنهم في حاجة إلى تدابير فعالة لحمايتهم خلال العام 2018، وذلك بسبب تعرُّضهم للنزاع والعنف، وتهجيرهم أو تقييد وصولهم إلى سُبُل عيشهم والخدمات الأساسية. وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، بدا غياب الحماية جليًّا خلال الأعمال القتالية التي شهدت تصعيدًا بين الجماعات المسلحة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية، والتي هدّدت المدنيين في قطاع غزة وجنوب إسرائيل مرة أخرى. ونتيجةً لذلك، فقد شهدنا منذ يوم 1 تموز/يوليو مقتل أربعة مدنيين فلسطينيين، من بينهم أم حامل وطفلتها وهما نائمتان في سريريهما في غزة، وإصابة فتاتين إسرائيليتين بنيران الصواريخ في سديروت، وهما من جملة 100 مدني فلسطيني وما يقرب من 30 إسرائيليًا أصيبوا بجروح. وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن العالم الخارجي تحجَّر شعوره أمام هذه المأساة التي تتكشف فصولها.
وما يزال المدنيون على كلا الجانبين يعيشون في خوف من تصعيد شامل آخر في الأعمال القتالية، حيث لم يزل المدنيون في غزة يحاولون النهوض من آثار حالات التصعيد السابقة والتعافي منها. وما ينفكّ 17,700 فلسطيني مهجَّرين بسبب الأعمال القتالية التي شهدها العام 2014 وحدها. ومما يبعث على القلق أنه على الرغم من الأدلة الموثوقة التي تشير إلى الانتهاكات الخطيرة التي وقعت على القانون الدولي خلال حالات التصعيد المذكورة، فما تزال المساءلة لصالح الضحايا أمرًا بعيد المنال.
وما تزال شواغل الحماية قائمةً في الضفة الغربية كذلك، حيث يواجه العديد من الفلسطينيين في المنطقة (ج)، والقدس الشرقية والمنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في مدينة الخليل السياسات والممارسات المرتبطة بالاحتلال، والتي تحرمهم من حقوقهم وتولّد الضغط عليهم لكي يرحلوا من تجمّعاتهم. وعلى وجه الإجمال، فقد باتت الحماية المتاحة للفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة تتضاءل عامًا بعد آخر، مما يؤدي إلى بروز نمط يشهد تزايُد الاعتماد على المساعدات الإنسانية على نحو يصعب عكس اتجاهه.
وفي اليوم العالمي للعمل الإنساني الذي نحتفي به هذا العام، أدعو جميع الجهات الفاعلة لضمان قدرة العاملين في المجال الإنساني على مزاولة عملهم بما يتواءم مع المبادئ الإنسانية وبعيدًا عن القيود والمضايقات. وأدعو إسرائيل إلى الوفاء بالتزاماتها بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، والسلطة الفلسطينية وسلطات حماس لضمان العمل بما يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي. وأخير، أضمّ صوتي إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، في دعوته التي وجّهها إلى الدول لإجراء تحقيقات ذات مصداقية وفعالة في الادعاءات المتعلقة بارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني وإخضاع مرتكبيها للمساءلة.
تتمحور حملة اليوم العالمي للعمل الإنساني هذا العام حول إعداد أول ’التماس حيّ‘، حيث يستخدم الناس حول العالم صورة ’سيلفي‘ بغية الدعوة لحماية المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني. وسوف تتحول هذه ’التواقيع‘ إلى عمل تركيبي رقمي يمثّل الأصوات العالمية مجتمعةً. ومن المقرر عرض هذا ’الالتماس الحي‘ في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، بدءًا من يوم 17 آب/أغسطس حتى افتتاح الجمعية العامة في شهر أيلول/سبتمبر، حيث يتمكن زعماء العالم من معاينة مستوى الدعم العالمي لحماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني. ويستطيع الأفراد من مختلف أنحاء العالم الانضمام إلى هذه الحملة على الموقع الإلكتروني www.worldhumanitarianday.org، وتبادُل صورة ’سيلفي‘ سوف تظهر كجزء من هذا ’الالتماس الحي‘.