شاهدت أثناء زيارتي لمجمع ناصر الطبي في خانيونس يوم أمس، أحد أفظع المشاهد التي رأيتها خلال الأشهر التسعة التي قضيتها في غزة. فقد استقبلت هذه المنشأة الصحية التي ترزح تحت أعباء هائلة ما يزيد عن 100 حالة من الإصابات الحرجة التي وصلت امس. ومع الافتقار إلى الأسرّة الكافية ومعدات النظافة والأغطية والملابس الطبية، تلقى العديد من المرضى العلاج على أرضية المستشفى دون وجود مطهرات. وكانت أنظمة التهوية معطلة نتيجة لانقطاع الكهرباء والوقود، فسادت في الأجواء رائحة الدماء.
رأيتُ أطفالاً صغارًا مبتوري الأطراف، وأطفالاً مشلولين ومحرومين من إمكانية تلقي العلاج الطبي، وآخرين منفصلين عن ذويهم. كما رأيت أمهات وآباء لا يعرفون ما إذا كان أطفالهم على قيد الحياة. أخبرني الآباء والأمهات في يأس أنهم كانوا قد انتقلوا إلى «ما يسمى بالمنطقة الإنسانية» على أمل أن يكون أطفالهم بأمان هناك.
يبذل زملائي من مجتمع العمل الإنساني كل ما في وسعهم لتعزيز القدرات الطبية في غزة، حيث أصبح النظام الصحي في حالة يرثى لها منذ فترة طويلة. وقد قدمنا امس خدمات الإحالة والمزيد من الخيام والأسرّة والنقالات والمستهلكات والأدوية. لكن العراقيل التي تعيق العمليات الإنسانية تحول دون تقديمنا الدعم للأشخاص بالقدر المطلوب.
يجب حماية المدنيين في جميع الأوقات. كما أننا بحاجة ماسة إلى وقف إطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن المتبقين، وإتاحة الفرصة لسكان غزة لالتقاط أنفاسهم، وتهيئة الظروف اللازمة للشروع في مرحلة التعافي.