ملاحظات السيدة سيغريد كاغ، كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وشؤون إعادة الإعمار في غزة، أمام مجلس الأمن

كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وشؤون إعادة الإعمار في غزة

24 نيسان/أبريل 2024

سيدتي الرئيسة، أصحاب السعادة، أعضاء مجلس الأمن،

لقد مرّ ما يقرب من سبعة أشهر على الهجوم الإرهابي الذي ارتكبته حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر ضد إسرائيل - وهي دولة لا تزال تتأثر بالصدمة العميقة للهجوم وعدم اليقين بشأن مصير الرهائن.

وفي غزة، قُتل ما يزيد عن 34,000 شخص خلال الفترة نفسها، وأُصيب عشرات الآلاف وشوّهوا. وطال الدمار سبل العيش والمنازل والمدارس والمستشفيات.

لقد دُمرت البنية التحتية الصحية في غزة. وتكافح المستشفيات القليلة التي لا تزال قائمة في سبيل مزاولة عملها بسبب النقص الحاد في الإمدادات وانقطاع الكهرباء المتكرّر. ومع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، يتزايد خطر انتشار الأمراض المعدية في غزة.

فالأطفال، الذين يعانون في كل أزمة أكثر من أي فئة أخرى، محرومون من التغذية والحماية والتعليم. وبات مستقبلهم في مهب الريح.

كما أدّت ندرة المواد الغذائية وغيرها من السلع الأساسية إلى انهيار النظام المدني والتفكك التدريجي للنسيج الاجتماعي في غزة. لا يوجد إنفاذ فعّال للقانون.

وكما قال الأمين العام: «تقع على عاتقنا مسؤولية مشتركة في ضمان وقف فوري لإطلاق النار في غزة، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، وإيصال المعونات الإنسانية دون عوائق.»

سيدتي الرئيسة،

منذ إحاطتي الإعلامية الأخيرة للمجلس في 7 آذار/مارس، واصلت المشاركة في المناقشات مع الحكومات الرئيسية والأطراف المعنية في شتّى أرجاء المنطقة.

كما قدمت مقترحات مفصلة وناقشتها مع حكومات إسرائيل والأردن ومصر وقبرص، لتيسير وتعجيل توصيل الإمدادات إلى غزة وضمان التدفق المستمر للبضائع لتوزيعها بشكل آمن في شتّى أرجاء غزة.

واليوم، سأطلعكم على تقييمي لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2720، بما في ذلك المجالات التي أحرز فيها تقدم وكذلك المجالات التي لم يُحرز فيها تقدم.

واسمحوا لي أن أقول منذ البداية إنه ثمّة حاجة إلى إحداث نقلة نوعية لمواصلة تلبية الاحتياجات الهائلة لدى السكان المدنيين على نحو آمن ومأمون.

سيدتي الرئيسة،

كما ذكرت من قبل، إن العمليات الإنسانية الفعّالة لا يمكن أن تنحصر في إحصاء عدد الشاحنات. ذلك مقياس زائف لقياس ما إذا كانت المساعدات الإنسانية كافية، ناهيك عما إذا كانت تستجيب للمتطلبات الإنسانية الأساسية.

على سبيل المثال، الأطفال أو النساء الحوامل المصابون بسوء التغذية لن يكفيهم مجرد تناول المزيد من السعرات الحرارية، لأنهم بحاجة إلى أغذية علاجية ومكملات تغذوية بالإضافة إلى رعاية طبية طويلة الأجل.

تتطلب العمليات الإنسانية الفعّالة تدفق مستدام لتقديم المساعدات من حيث النوعية والكمية المناسبتين. ويستدعي ذلك تركيزا مستمرا على حجم المعونة المتنوعة وإمكانية التنبؤ بها واستدامتها لزيادة المساعدة. وعلى الوكالات الإنسانية أن تكون قادرة على نقل المواد الغذائية والأدوية وغيرها من الإمدادات، بشكل آمن عبر كل الطرق والمعابر الممكنة إلى غزة وجميع أجزاء القطاع.

تلعب الأونروا دورا محوريا في تقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة والخدمات الاجتماعية الأساسية، وخاصة في التعليم والصحة للاجئي فلسطين. ولذلك، لا يمكن استبدال الأونروا أو الاستغناء عنها كشريان حياة إنساني، ويجب السماح لها بتنفيذ ولايتها.

سيدتي الرئيسة،

في 5 نيسان/أبريل، أبدت الحكومة الإسرائيلية عدة التزامات لتحسين تقديم المساعدات عقب الطلبات التي قدمتها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي. وقد اتُخذ عدد من الخطوات، منها:

  • زيادة في حجم المساعدات التي تمّت الموافقة عليها وتفتيشها وإدخالها إلى غزة.
  • فتح معبر إيرز على أساس مؤقت وفتح ميناء أسدود للسماح بإدخال البضائع الإنسانية.
  • زيادة عدد الشاحنات التي تدخل غزة مباشرة عبر الممر الأردني عن طريق جسر ألنبي/جسر الملك حسين وزيادة إمكانية الوصول إلى الشمال.
  • تجهيز المعابر الشمالية الأخرى.
  • استمرار استخدام البوابة رقم 96.
  • تمديد ساعات عمل معبري كرم أبو سالم ونيتسانا.
  • تشغيل بعض المخابز في شمال غزة ووسطها. 
  • إصلاح خط مياه ناحال عوز

كما تم إبلاغي بالموافقة على معدات الاتصال الحيوية وزيادة تخصيص الوقود.

وفي الوقت الذي لا يزال فيه تنفيذ بعض التدابير جاريا، ثمّة حاجة إلى اتخاذ المزيد من الخطوات الحاسمة والعاجلة لتحديد مسار التدفق المستدام للسلع الإنسانية والتجارية إلى غزة من حيث الحجم والحاجة والوصول. وبالنظر إلى حجم الدمار ونطاقه ومدى المعاناة الإنسانية، يعتبر كل يوم بالغ الأهمية.

إن الأمم المتحدة على اتصال مع الحكومة الإسرائيلية بشأن التدابير الأخرى التي تحتاج إلى تنفيذ عاجل أو مستمر. وتشمل المسائل المتعلقة بإجراءات الحواجز، وصيانة الطرق، واصدار التصاريح في الوقت المطلوب للسماح لقوافل المساعدات الإنسانية بالتحرك في الموعد المقرر، والموافقة على أجهزة اتصال إضافية، ومركبات مدرعة، وقطع غيار للمعدات الحيوية. كما أن الاتفاق على الإجلاء الطبي وإجلاء المصابين أمر ملح بنفس القدر.

يتطلب تقديم المساعدات على نطاق واسع نظام فعّال للإبلاغ عن العمليات الإنسانية إلى جانب التواصل المعزز والمباشر بين العاملين في المجال الإنساني وصناع القرار العسكريين الموجودين في المنطقة. إن وجود آليات فعّالة لتفادي التصادم وذات مصداقية أمر حيوي لكافة الجهات الفاعلة الإنسانية في الميدان.

هذه القائمة بالإجراءات الأساسية غير شاملة، والمضي قدما في تنفيذها أمر ملح. ويقوم مكتبي بإنشاء إطار للرصد لتحديد التقدم المحرز وفعالية الإجراءات التي تم تنفيذها. وسأقدم لكم تقريرا في الوقت المناسب.

سيدتي الرئيسة،

اسمحوا لي أن أقدم تحديثًا حول تنويع طرق الإمداد بموجب قرار مجلس الأمن 2720 (2023).

الأردن

عمل فريقي مع السلطات المعنية لإطلاق العمل على الممر البرّي الأردني وفق طريقة مبسطة جديدة. وقد أدى ذلك إلى زيادة عدد الشاحنات، مما أدى بدوره إلى زيادة حجم البضائع التي يتم نقلها. بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد سوى عملية نقل واحدة تتم داخل معبر غزة. وعلاوة على ذلك، فإن هذا الوضع يحمل إمكانية حدوث زيادات أكبر.

وتخطط أسرة الأمم المتحدة بأكملها لاستلام البضائع وتوزيعها على نطاق واسع مباشرة من الأردن إلى شمال غزة عبر معبر إيريز. يعد هذا الطريق فعّالا وحيويًا للوصول إلى المدنيين في شمال غزة وخارجها.

مصر

نظرا لأهمية تدفق المساعدات من مصر، سنواصل تبسيط العمليات وزيادة إمكانية الوصول إلى أقصى حد عبر معبري رفح وكرم أبو سالم. لقد انخرطنا في حوار بناء لاستكشاف فرص تحسين كفاءة توصيل المساعدات عبر مصر.

ومن أجل تسهيل وصول البضائع الإنسانية إلى غزة من رفح، اقترحت الأمم المتحدة إنشاء وحدة للتفتيش والرصد والتحقق على الجانب الفلسطيني من رفح. ويعد الممر البري المصري، وخاصة عبر معبر رفح، مهما للمساعدات الإنسانية وفيما بعد للإنعاش المبكر وإعادة الإعمار في غزة.

قبرص

يقدم الممر البحري من قبرص إضافة للمساعدات الإنسانية لغزة، ولكنه لا يمكن أن يكون بديلا عن توصيل المساعدات عن طريق البر. إن الطرق البرية هي الطريقة الوحيدة لجلب الجزء الأكبر من الإمدادات اللازمة.

إن الاستعدادات جارية لبناء ميناء عائم ورصيف على شواطئ غزة بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية ودول أعضاء أخرى. وقد حدّدت الأمم المتحدة المعايير التي يمكن بموجبها أن تلعب دورا مهما في توزيع المساعدات عبر هذا الممر.

وقد اقترح مكتبي آلية تمويل متعددة المانحين ويقدم دعم السكرتارية للممر البحري لضمان التنسيق الكامل مع العمليات الميدانية في غزة. كما تم نشر فرق رصد تابعة للأمم المتحدة في قبرص كجزء من قرار مجلس الأمن 2720.

وأخيرا، وفيما يتعلق بعمليات الإنزال الجوي أشارت العديد من الدول الأعضاء إلى عزمها إلغاء هذه الطريقة تدريجيا بالنظر إلى توسيع نطاق المساعدات عبر البر والبحر.

سيدتي الرئيسة،

يسرني أن أعلن أن آلية الأمم المتحدة الخاصة بغزة، التي يتضمنها قرار مجلس الأمن 2720 ستبدأ العمل خلال الأيام المقبلة. وأنا ممتنة للتعاون البناء.

وستطبق الآلية في المرحلة الأولى على الطريقين القادمين من قبرص والأردن، على التوالي. وستكتمل المشاورات التقنية عما قريب مع مصر بشأن الطريق المصري. وقد أبلغتُ إسرائيل بتفعيل الآلية وفقا للقرار.

وسيبدأ تشغيل قاعدة بيانات ونظام إخطار لجميع الشحنات المتجهة إلى غزة على طول طرق الإمداد. وقد طلبت الموافقة من السلطات المختصة على وضع مراقبة دولية عند المعابر والحواجز ونقاط الإمداد. وسيبدأ التحقق والرصد داخل غزة في أقرب وقت ممكن. وفي الأسابيع المقبلة، سيبدأ مكتبي في غزة عمله أيضا.

وسيسمح تفعيل الآلية بتحديد أولوية خطوط الإمداد، وإمكانية التخطيط، وتعزيز الوضوح، وتتبع توصيل المساعدات إلى غزة. وكما قصد القرار، فإن الآلية مصممة لتيسير ودعم عمل جميع الشركاء في المجال الإنساني في الميدان.

سيدتي الرئيسة،

إن حجم الدمار والآثار المدمرة لهذه الحرب على كافة السكان يستدعي خطة دعم طموحة وشاملة باستثمارات ملائمة.

يظهر التقييم المؤقت للدمار، الذي أصدرته الأمم المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي مؤخرا، نطاق الدمار وحجم الاستثمارات المطلوبة في جميع القطاعات، على سبيل المثال:

  • إعادة بناء ما يزيد عن 84 بالمائة من المنشآت الصحية المدمرة وإصلاحها.
  • إعادة جميع الطلاب إلى المدارس فيما تم تدمير المنشآت التعليمية.

وكما صرّح الأمين العام،  إن للسلطة الفلسطينية دور حاسم في غزة ويتعين على المجتمع الدولي أن يعمل على تمكين عودتها، وتعزيز قدرتها على الحكم، وإعدادها لاستئناف تولي مسؤولياتها في غزة.

إن جميع جهود الإنعاش وإعادة الإعمار المبكر تتطلب أيضا مشاركة المجتمع المدني الفلسطيني. إن تعزيز البيئة المواتية لإعادة تأسيس القطاع التجاري في غزة ومشاركة مجتمع الأعمال الفلسطيني ومستثمريه لهما نفس القدر من الأهمية.

سيدتي الرئيسة،

أود أن أعرب عن القلق البالغ الذي أبدته الأمم المتحدة إزاء احتمال شنّ عملية إسرائيلية في رفح. ومن شأن مثل هذه العملية أن تفاقم الكارثة الإنسانية القائمة وتخلّف عواقب على النازحين بالفعل والذين يواجهون المصاعب والمعاناة الشديدة. كما أنها ستعيق قدرة الأمم المتحدة على الاستجابة.

وفي الختام،

أود أن أشدّد على أهمية إحداث نقلة نوعية.  ويتطلب ذلك ما يلي:

  • زيادة نوعية وكمية المساعدات وتوزيعها.
  • اتخاذ خطوات لا رجعة فيها لتمكين التوصيل الآمن للإمدادات دون عوائق داخل غزة.
  • التخطيط والاستعداد في الوقت المطلوب للتعافي وإعادة الإعمار.

ولا بديل عن الإرادة السياسية لضمان استدامة تلك الجهود. دعونا نتذكر أن وراء كل إحصائية قصة إنسانية من المعاناة والخسائر. ومن واجبنا توفير الحماية والدعم وبالتالي الأمل للسكان الفلسطينيين في غزة. كما أنه من واجبنا أن ندعو إلى سلام دائم بين إسرائيل ودولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة وذات سيادة.