طوال شهر تموز/ يوليو، أكدت عدة حوادث خطورة أزمة الكهرباء في قطاع غزة. في أول تموز/يوليو، توقف توريد الكهرباء لمحافظة رفح الجنوبية التي يقطنها 220,000 نسمة بشكل كامل تقريبا، عندما تم قطع خطوط التغذية المصرية الثلاثة التي تغذي جنوب قطاع غزة، بعد أن لحقت بها أضرار بسبب العمليات العسكرية في شمال سيناء وفقا للتقارير. تم إصلاح الخطوط في 7 تموز/يوليو، ولكن الانقطاعات المتكررة والتذبذبات في التيار الكهربائي تعني أن الوضع في رفح لا يزال غير مستقر. وفي 20 تموز/يوليو، تم قطع خطي التغذية الإسرائيليين اللذين يزودان مدينة غزة وخان يونس أيضا. وتم إصلاح الخطين يوم 22 تموز/يوليو. وكذلك في 20 تموز/يوليو، ونتيجة لنقص إمدادات الوقود، اضطرت محطة توليد الطاقة الوحيدة في غزة للإغلاق بشكل كامل، مسببة انقطاعات مستمرة في التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 18 ساعة يوميا في جميع أنحاء قطاع غزة. تم استئناف إمدادات الوقود يوم 29 تموز/يوليو وتمت إعادة تشغيل المحطة جزئيا. ولكن نظرا لارتفاع الطلب على الكهرباء في الصيف وزيادة الفقدان من خلال الشبكة، لا تزال الانقطاعات في التيار الكهربائي أطول من 12 إلى 16 ساعة المعتادة يوميا.
بدأ العجز الحالي للكهرباء في غزة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت محطة توليد الطاقة في حزيران/يونيو 2006، ويستمر هذا العجز في عرقلة تقديم الخدمات الأساسية بشكل كبير، مما يقوض سبل العيش والظروف المعيشية الضعيفة أصلاً. غزة لديها ثلاثة مصادر للكهرباء: محطة كهرباء غزة، والتي تعمل بما يقرب من نصف طاقتها أو أقل (60 من أصل 120 ميجاوات الممكنة؛ والكهرباء التي يتم شراؤها من إسرائيل (120 ميجاوات) ومن مصر (28 ميجاوات)من خلال 13 خط تغذية عبر الحدود. وهذه الكمية مجتمعة قادرة على تلبية أقل من 45 بالمائة من الطلب على الكهرباء المقدر بنحو 470 ميجاوات. وقد ضعفت إمدادات الطاقة بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة بفعل عوامل مختلفة، بما في ذلك نقص التمويل للوقود المخصص لمحطة توليد الطاقة؛ وتأثير الأضرار التي لم يتم إصلاحها، والتي نتجت عن الاعتداءات الإسرائيلية على محطة توليد الطاقة وعلى شبكات الطاقة؛ وانعدام التحديثات لشبكات الطاقة؛ والخلل المتكرر أو الأعطال التي تصيب خطوط التغذية الإسرائيلية والمصرية.
ووفقا لشركة توزيع الكهرباء في غزة، يمكن أن يزيد الطلب على الكهرباء إلى أكثر من 500 ميغاواط خلال ذروة أشهر الصيف. ولكن، في عدة أيام خلال شهر تموز/يوليو، تم تزويد غزة بـ 100 -150 ميجاوات فقط، أي من 20-30 بالمائة من حجم الطلب. ونتيجة لذلك، ارتفعت انقطاعات الكهرباء المستمرة من 12 ساعة إلى 20 ساعة يومياً في جميع أنحاء قطاع غزة. وبالرغم من أن عمل 13 خط تغذية مستمر نسبياً، ضعف عمل محطة كهرباء غزة بشكل كبير في السنوات الأخيرة بفعل النزاعات طويلة الأمد بين السلطات الفلسطينية في غزة ورام الله المتعلقة بتمويل الوقود؛ ومعدل جمع الفواتير المحدود من المستهلكين[1] وتدمير صهاريج تخزين الوقود نتيجة غارة إسرائيلية خلال الأعمال القتالية في صيف 2014؛ والقيود التي تفرضها إسرائيل على استيراد قطع الغيار والمعدات الضرورية ومواد البناء الأساسية.
منذ تموز/يوليو 2013، تعمقت أزمة الطاقة بسبب نقص الوقود بأسعار معقولة، مما أدى إلى تشغيل محطة توليد الطاقة بنصف طاقتها أو إغلاقها تماما. بين عامي 2010 و 2013، اعتمد كل من محطة توليد الطاقة ومقدمي الخدمات الأساسية على الوقود المصري الرخيص المهرب عبر الأنفاق تحت الحدود بين غزة ومصر. توقف هذا التهريب تماما منذ تموز/يوليو 2013 بسبب الإجراءات الأمنية المصرية. ومنذ ذلك الحين، واجهت سلطة الطاقة، المسؤولة عن شراء الوقود لمحطة توليد الطاقة ومقدمو الخدمات، تحديات مالية كبيرة في شراء الوقود الإسرائيلي، والذي تصل تكلفته إلى ثلاثة أضعاف تكلفة الوقود المصري المدعوم من الدولة المصرية.
وللحفاظ على الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، يعتمد مقدمو الخدمات بشكل كبير على مولدات احتياطية. ولكن، على غرار محطة توليد الطاقة، فإن تشغيل المولدات معرض دائما للخطر بسبب نقص التمويل، والإفراط في استخدام المولدات والتحديات في شراء مولدات إضافية وقطع الغيار، والتي تصنفها السلطات الإسرائيلية على أنها مواد "ذات استخدام مزدوج"، ونتيجة لذلك، تخضع لسلسلة من القيود المفروضة على الاستيراد . أما قطاع المياه والصرف الصحي، فإن معدل قدرة المولدات للمياه ومنشآت معالجة المياه هي 110 كيلوفولت أمبير (1000 فولت أمبير) مع معدل استهلاك يبلغ حوالي 1,400 لتر شهرياً لكل مولد بمعدل 13 ساعة من الاستخدام. لقد قوضت الانقطاعات الطويلة للتيار، إلى جانب التحديات في تشغيل مولدات احتياطية، تقديم الخدمات الأساسية في جميع القطاعات بشكل كبير.
وفيما يتعلق بقطاع الصحة، يختلف مخزون الوقود وقدرة المولدات بدرجة كبيرة بين المرافق. الكثير من المستشفيات الرئيسية يكون لديها في غالب الأحيان وقود لأقل من خمسة أيام من التشغيل. على سبيل المثال، مستشفى الشفاء لديه مخزون يبلغ 191,000 لتر من الوقود ويستهلك 615 لتراً في الساعة. في يوم 30 تموز/يوليو، كان في مخزن الوقود 26,000 لتر، تكفي لـ 2,64 يوماً وفقاً لمعدل الاستهلاك الحالي. تبنت المستشفيات في أنحاء غزة آليات تكيف مشتركة، وتشمل تأجيل العمليات الجراحية غير العاجلة والاختيارية؛ وزيادة إحالات المرضى إلى خارج غزة، وخاصة الذين يعانون من أمراض مزمنة؛ وإخراج المرضى قبل إتمام العلاج. وتخفيض و/أو إلغاء الخدمات التكميلية، مثل التنظيف والطعام. بالإضافة إلى ذلك، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تضرر ما يقرب من 300 آلة ومعدات طبية في المستشفيات نتيجة التقلبات في التيار، وهي الآن عاطلة عن العمل.
قلص الاحتياطي غير الكافي من الكهرباء والوقود لتشغيل مضخات المياه والآبار من توافر المياه الجارية لمعظم المنازل. فقد انخفض معدل استهلاك المياه من الشبكة من حوالي 70 إلى 45 لتراً للفرد في اليوم الواحد. وأدى هذا إلى زيادة الاعتماد على مزودي المياه من القطاع الخاص غير الخاضعين للرقابة وتخفيض معايير الصحة العامة. كذلك قلصت محطات مياه الصرف الصحي دورات معالجة المياه، وبالتالي ارتفع مستوى التلوث الناتج عن مياه الصرف الصحي المعالجة جزئيا والتي يتم تصريفها في البحر. وهناك خطر دائم من عودة تدفق مياه الصرف الصحي في الشوارع. وأجبر نقص الوقود اللازم لتشغيل المركبات أيضا البلديات على تخفيض جمع النفايات، وبالتالي تفاقمت المخاطر على الصحة العامة.[2]
استمرت إمدادات الوقود لحالات الطوارئ التي يمولها المجتمع الدولي وينسق لها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة منذ كانون الأول/ديسمبر عام 2013 لضمان تشغيل القطاع الصحي الحيوي، والمياه والصرف الصحي والمرافق البلدية. وحتى الآن منذ عام 2015، يتم توزيع ما معدله 480,000 لتر شهرياً في جميع القطاعات. وهناك حاجة لتوزيعات إضافية استثنائية في حال توقفت محطة توليد الطاقة أو أي من خطوط الكهرباء عن العمل، وكذلك حين تحدث صدمات على نطاق صغير. ونتيجة لإغلاق محطة غزة لتوليد الكهرباء وتعطل خطوط الكهرباء المصرية والإسرائيلية في تموز/يوليو عام 2015، تم توزيع حوالي 130,000 لتر من الوقود الإضافي العاجل للمياه والصرف الصحي، وقطاعات الصحة والنفايات الصلبة لتصل الكمية الإجمالية للوقود الموزع في تموز/يوليو إلى 612,125 لتراً، أي أعلى من المعدل الشهري بما يقرب من 25 بالمائة.