في 30 آذار/مارس، قتلت القوات الإسرائيلية 18 فلسطينيًا (منهم من توفي امتأثرابجروح أُصيب بها في هذا اليوم)، وأصابت 1,400 آخرون بجروح، ، مما شكّل أعلى عدد من الضحايا الذين سقطوا في يوم واحد في قطاع غزة منذ نشوب الأعمال القتالية في العام 2014. ووفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، فقد أصيبَ أكثر مننصف الجرحى بالذخيرة الحية. وكانت السلطات الإسرائيلية قد إتهمت وزارة الصحة بتضخيم عدد الجرحى المصابين بالذخيرة الحية. ولم يبلَّغ عن وقوع إصابات بين صفوف الإسرائيليين. وقعت غالبية الإصابات خلال المظاهرة الأولى من سلسلة مظاهرات قد نُظِّمت في سياق ’مسيرة العودة الكبرى‘ والتي تقرر جدولتها على مقربة من السياج الحدودي مع إسرائيل، بين 30 آذار/مارس (’يوم الأرض‘) و15 أيار/مايو، والذي يصادف الذكرى السبعين لما يشير إليه الفلسطينيون بـ’النكبة‘ التي حلَّت بهم في العام 1948. [1]
وعلى الرغم من أن المظاهرات كانت سلمية في جانب كبير منها، وبما يتماشى مع الدعوة التي أطلقها منظّموها، فقد إقترب بعض الفلسطينيين من السياج الحدودي، وألقوا الحجارة، والقنابل الحارقة على القوات الإسرائيلية، بحسب مصادر إسرائيلية. وكان الجيش الإسرائيلي قد عزّز تواجده في المنطقة إلى حدّ كبير تحسبًا لهذه الإحتجاجات، حيث أقام السواتر الترابية التي تطلّ على السياج ونشر أكثر من 100 قناص عليها.
وقد عبّرت منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية والدولية عن قلقها من إحتمال إستخدام مفرط للقوة من قبل القوات الإسرائيلية، حيث أشارت إلى العدد الكبير للضحايا بين صفوف المتظاهرين العُزل. وقال الجيش الإسرائيلي إنه لم يردّ إلاّ على الهجمات العنيفة التي إستهدفت الجنود وعلى إختراق السياج الحدودي، كما صرّح بأنّ عشرة قتلى كانوا أفرادًا من حماس وغيرها من الجماعات المسلحة. وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه العميق إزاء الإشتباكات والضحايا، ودعا إلى إجراء تحقيق مستقل وشفاف في هذه الحادثة. [2]
وتكافح المنشآت الطبية في غزة، والتي تعاني في الأصل من القيود التي يفرضها نقص الإمدادات الطبية والكهرباء والوقود منذ أمد طويل، من أجل التعامل مع العدد الهائل من الإصابات. وتتابع مجموعة الصحة، التي تقودها منظمة الصحة العالمية، الوضع وتقدم الدعم، بالتنسيق مع جميع الشركاء في مجال الصحة.
وتأتي هذه الأحداث في سياق الوضع الإنساني المتردي في غزة، بعد ما يزيد على عقد من الحصار الإسرائيلي، وحالات التصعيد المتكررة التي تشهدها الأعمال القتالية، وتوقُّف المساعي التي ترمي إلى إيجاد حل للإنقسام السياسي الداخلي. وحسب التفاصيل التي ترد في إحدى مقالات هذا الشهر، فما يزال أكثر من 20,000 شخص مهجَّرين، حتى نهاية شهر شباط/فبراير، منذ الأعمال القتالية التي شهدها العام 2014، والتي تُعَدّ الأشدوطأة في غزة منذ بداية الإحتلال الإسرائيلي في العام 1967، ويعيش هؤلاء في ظروف محفوفة بالمخاطر وفي حالة دائمة من إنعدام اليقين.
ومن المواضيع الأخرى التي تتطرق إليها نشرة هذا الشهر وضع قطاع صيد الأسماك في غزة والشواغل المتصلة به. ففي سياق يشهد إرتفاع معدلات البطالة وإنعدام الأمن الغذائي، يشكّل هذا القطاع أحد المصادر القليلة المتبقية التي توفّر فرص العمل في غزة، خارج نطاق سلك الخدمة العامة. وبالتطرق الى المخاوف الأمنية، تقيّد قوات البحرية الإسرائيلية وصول الصيادين إلى المناطق البحرية ضمن مسافة تبلغ ستة أميال بحرية من الساحل، والتي يجري توسيعها إلى تسعة أميال بحرية على إمتداد الساحل الجنوبي، مرتين في العام خلال موسم صيد سمك السردين. وعلى الرغم من أن التوسعات الأخيرة أسهمت في زيادة حصيلة كميات الصيد الإجمالية بصورة ملموسة على مدى العامين المنصرمين، فما تزال هذه الكميات محصورة بصورة رئيسية في سمك السردين ذي القيمة المنخفضة، والذي يصعُب على الصيادين معه الحصول على دخل يعتاشون منه. وفضلًا عن ذلك، تثير الممارسات التي توظّفها قوات البحرية الإسرائيلية، وإلى حدّ أقل البحرية المصرية ، في فرض القيود على الوصول، بما فيها إطلاق الذخيرة الحية، طائفة من الشواغل المتعلقة بالحماية.
وأخيرًا، تسلّط نشرة هذا الشهر الضوء على الوضع الذي يعيشه 189 تجمعًا سكانيًا يعاني من هشاشة الأوضاع الإنسانية في الضفة الغربية، ويقطن فيه ما يربو على 220,000 نسمة، ويواجه التحديات في الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية. ولذلك، تقدم العيادات المتنقلة التي تديرها المنظمات الشريكة في مجال العمل الإنساني خدماتها لهذه التجمعات. ومع ذلك، فقد توقّف العمل على تقديم هذه الخدمات لـ35 تجمعًا من تلك التجمعات السكانية منذ مطلع العام 2018 بسبب النقص الحاد في التمويل. وما لم يتوفر تمويل إضافي على الفور، فسوف يواجه 11 تجمعًا آخر المصير نفسه.
[1] يمثل ’يوم الأرض‘ فعالية سنوية تشهد إحياء ذكرى الإحتجاجات العامة التي أطلقها المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل خلال العام 1976 ردًا على إعلان الحكومة الإسرائيلية عن مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي. ويخلّد ’يوم النكبة‘ ذكرى التهجير القسري الذي طال ما يزيد على 700,000 فسلطيني من المناطق التي باتت تشكل جزءًا من إسرائيل في أثناء الحرب الأولى التي نشبت بين العرب وإسرائيل في العام 1948.
[2] البيان المنسوب إلى المتحدث باسم الأمين العام حول الوضع في غزة.