في يوم 9 نيسان/أبريل، بُترت الرِّجل اليمنى لمحمد العجوري، وهو فتى يبلغ من العمر 16 عامًا ورياضيّ من غزة، وترد قصته في نشرة الشؤون الإنسانية لهذا الشهر. فقبل عشرة أيام، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على محمد وأصابته بجروح أثناء مشاركته في أول مظاهرة في سلسلة احتجاجات أيام الجمعة في سياق "مسيرات العودة الكبرى"، بمحاذاة السياج الحدودي الذي يحيط بقطاع غزة. ومحمد واحد من نحو 2,000 فلسطيني أصيبوا بالذخيرة الحية منذ يوم 30 آذار/مارس في هذه الأحداث، وفقًا للإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية. كما قُتل 40 فلسطينيًا على يد القوات الإسرائيلية خلال هذه المظاهرات، وقُتل عشرة آخرون في ظروف أخرى، حتى يوم 30 نيسان/أبريل. وخلال أيام الجمعة منذ يوم 30 آذار/مارس، إقترب المئات من بين آلاف المتظاهرين من السياج وحاولوا إتلافه، وأحرقوا الإطارات، وألقوا الحجارة، والزجاجات الحارقة، بوتيرة أقل، بإتجاه القوات الإسرائيلية التي إنتشرت على الجانب الآخر من السياج. ولم يبلَّغ عن وقوع أية إصابات بين صفوف الإسرائيليين. وليس هناك من دليل، في الوقت الراهن، على أن المتظاهرين الذين قُتلوا أو أصيبوا بالذخيرة الحية كانوا يشكلون خطرًا محدقًا هدّد الجنود الإسرائيليين بالموت أو بإصابتهم بجروح خطيرة، مما يثير القلق البالغ إزاء الإستخدام المفرط للقوة، وفقًا لمكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان.
وقد أعطت الجهات الإنسانية الفاعلة، في إستجابتها، الأولوية لتقديم الرعاية الصحية الفورية والمنقذة للحياة، وتقديم خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي للأشخاص الذين أصيبوا بجروح أو لحق بهم الضرر بسبب الأحداث، ورصد إنتهاكات محتملة تتعلق بالحماية والتحقق منها توثيقها. وحسبما يرد تفصيله في نشرة هذا الشهر، ففي الوقت الذي يتواصل فيه العمل على تنفيذ التدخلات في المجالات الثلاثة التي تحتل مرتبة الأولوية، فقد أطلقت الوكالات المعنية مناشدة لتقديم دعم إضافي قدره 5,3 مليون دولار لتوسيع نطاق النشاطات حتى تاريخ 31 أيار/مايو – وهي الفترة المتوقعة للمظاهرات التي تستمر لستة أسابيع، إلى جانب أسبوعين إضافيين. وفي يوم 25 نيسان/أبريل، صرف المنسق الإنساني 2,2 مليون دولار من الإحتياطي المخصص لحالات الطوارئ غير المتوقعة في صندوق التبرعات الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة لدعم مجالات التدخل الثلاثة.
وتأتي هذه الزيادة التي طرأت على الإحتياجات الإنسانية نتيجة للأحداث المتواصلة في وقت يتفاقم فيه الوضع الإنساني في قطاع غزة. بات النظام الصحي، على وجه الخصوص، على شفا الإنهيار نتيجة للحصار الذي ما يزال مفروضًا منذ عشرة أعوام، وإستفحال الإنقسام السياسي الداخلي الفلسطيني، وتراجع إمدادات الطاقة، وعدم إنتظام دفع رواتب أفراد الطواقم الطبية في القطاع العام، والنقص المتزايد في الأدوية والمواد الطبية المستهلكة.
كما وتؤدي العوامل نفسها إلى تقويض قدرة ما يزيد على 450,000 طفل في قطاع غزة على الحصول على التعليم المدرسي، حسب التفاصيل الواردة في مقالة أخرى من المقالات الواردة في هذه النشرة. ويتسبب نقص إمدادات الكهرباء، التي تشهد إنقطاعًا يصل إلى 20 ساعة في اليوم، في تقليص وقت الدراسة الذي يمضيه الطلبة في مدارسهم وقدرتهم على التركيز في منازلهم، ويزيد من معدلات التسرّب من المدارس. ومما يثير القلق أيضًا الأزمة المالية غير المسبوقة التي تواجهها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي تقدم خدمة التعليم المدرسي لنحو 272,000 طفل في غزة. وبينما أمّنت الوكالة ما يكفي من التمويل لإستكمال العام الدراسي الحالي والمحافظة على تقديم الخدمات الأساسية الأخرى خلال الصيف، فما تزال حالة من عدم اليقين تتعلق بإعادة إفتتاح المدارس في النصف الثاني من العام.
كما شهد شهر نيسان/أبريل عددًا من المستجدات التي تبعث على القلق في الضفة الغربية، بما فيها زيادة وتيرة عنف المستوطنين (الذي سيتم تناوله في نشرة الشؤون الإنسانية لشهر أيار/مايو)، وتشديد البيئة القسرية التي تواجهها التجمعات السكانية الفلسطينية في المنطقة (ج). وفي جلسة عُقدت في يوم 25 نيسان/أبريل للنظر في مصير التجمع البدوي في خان الأحمر-أبو الحلو على مشارف القدس الشرقية، أشارت محكمة العدل العليا الإسرائيلية إلى أنها لن تصدر حكمًا ضد نقل التجمع، على الرغم من إعتراض سكانه. ومن المتوقع صدور قرار نهائي في هذا الشأن في المستقبل القريب. وقد يرقى هذا النقل إلى مرتبة الترحيل القسري، الذي يشكّل مخالفة جسيمة لإتفاقية جنيف الرابعة، دون الموافقة الحقيقية والمستنيرة للسكان، والتي يُعَدّ الحصول عليها من ضرب المستحيل في ظل البيئة القسرية الحالية.
ويكمن أحد دواعي القلق الأخرى، والذي تركّز عليه هذه النشرة، في العنف القائم على النوع الإجتماعي الذي يمسّ عددًا كبيرًا من النساء اللواتي يقطنَّ في التجمعات السكانية بالمنطقة (ج). فقد خلصت دراسة استقصائية ُجرت مؤخرًا في خمسة تجمعات سكانية في غور الأردن إلى أن 46 في المائة من المستطلعين يعتقدون أن العنف الذي يمارسه الأزواج بحق زوجاتهم يُعد ممارسة مشروعة، وأشار 87 في المائة منهم إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تبلغ عن حالات العنف المنزلي. وخلال الشهور القليلة الماضية، نفذت منظمتان غير حكوميتان سلسلة من ورشات العمل التي إستهدفت الطلبة وذويهم في المدارس القائمة في التجمعات الخمسة بهدف تقليص حوادث العنف القائم على النوع الإجتماعي، وإختتمتاها في شهر آذار/مارس.
وأصدر منسق الأمم المتحدة الخاص تحذيرًا لا مواربة فيه في الإحاطة التي قدّمها لمجلس الأمن في يوم 26 نيسان/أبريل: "إن ما يحدث اليوم في غزة ظلم لا ينبغي أن يتحمله أي رجل أو إمرأة أو طفل: الظروف المعيشية التي يُرثى لها، والتبعات المترتبة على الإغلاق الخانق والمتواصل، وسيطرة حماس، والخطر المتزايد من أن تثير غزة صراعًا جديدًا يتعاظم. ولا يجوز أن يكون قَدَر الناس أن يمضوا حياتهم محاطين بحدود يُمنعون من إجتيازها، أو مياه يُمنعون من الملاحة فيها. ولا يجوز أن يكون قدَرهم أن يعيشوا تحت سيطرة حماس، التي تستثمر في النشاطات العسكرية على حساب السكان. وأعتقد جازمًا بأن هناك سبيل للحل. فهذه التحديات سياسية، ومن صنع الإنسان، وبالتالي فهي قابلة للحل إذا إلتزمت كل الأطراف إلتزامًا راسخًا بدعم الحلول العملية التي يمكن تنفيذها على وجه السرعة وعلى نحو يتسم بالكفاءة والإستدامة."