سجّل شهر تموز/يوليو 2019 خروج نحو 20,000 فلسطيني من قطاع غزة عبر معبر إيرز الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، وهو أعلى عدد يسجَّل منذ أربعة أعوام. وشكّل الأشخاص الذين يحملون تصاريح تُمنح للتجار نحو ثلثيْ هؤلاء المغادرين، على الرغم من أن التقارير تفيد بأن عددًا كبيرًا منهم كانوا عمالًا يعملون في إسرائيل، والذين فُرض حظر رسمي على دخولهم إليها منذ العام 2006. وفي شهر تموز/يوليو أيضًا، كان عدد من دخلوا إلى غزة وخرجوا منها عبر معبر رفح مع مصر (أكثر من 18,000 شخص) الأعلى منذ العام 2014. وأخيرًا، دخل نحو 800 شاحنة محمّلة بالبضائع إلى غزة من مصر عبر بوابة صلاح الدين خلال هذا الشهر، وهو أعلى عدد يسجَّل منذ البدء في تشغيل هذه البوابة في مطلع العام 2018.
وقد برزت هذه الإتجاهات في ظل استمرار التفاهمات غير الرسمية بشأن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، والتي جرى التوصل إليها بوساطة مصر والأمم المتحدة في شهر أيار/مايو الماضي. وحسب الملاحظة التي وردت على لسان منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، في آخر إحاطة قدّمها لمجلس الأمن، "بينما لا تُعَدّ هذه الجهود كافية لإحداث تغيير جذري في واقع الحياة القاسية في غزة، فهي تسهم في التخفيف من أثر الأزمات الإنسانية والإقتصادية المتواصلة".
وعلى الرغم من ذلك، لا يزال الوضع هشًا للغاية. فخلال شهر آب/أغسطس، قتلت القوات الإسرائيلية تسعة فلسطينيين مسلّحين واعتقلت خمسة آخرين بعد أن حاولوا اختراق السياج. ووقعت هذه الحوادث بالتوازي مع إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل والغارات الجوية الإسرائيلية التي شُنَّت على إثرها غزة، والتي لم يسفر أي منها عن وقوع ضحايا. وفي يوم 26 آب/أغسطس، وردًّا على إطلاق الصواريخ أيضًا، قلّصت إسرائيل وبصورة مؤقتة كمية الوقود الذي تموّله قطر والمسموح بنقله إلى غزة بمقدار النصف، مما أجبر محطة توليد الكهرباء الوحيدة العاملة فيها على إيقاف تشغيل أحد توربيناتها. ورُفع هذا القيد بعد ذلك بأسبوع. وقد أتاحت الزيادة التي طرأت على إمدادات الكهرباء منذ الربع الأخير من العام 2018 بعض التحسن في الظروف المعيشية، وخاصةً فيما يتعلق بتقديم الخدمات الأساسية.
وتتناول إحدى المقالات الواردة في نشرة هذا الشهر الأثر الإيجابي الذي نتج عن زيادة إمدادات الكهرباء خلال هذا العام في غزة على تقديم خدمات المياه والصرف الصحي. فقد شهدت إمدادات مياه الأنابيب والمياه المحلّاة المنقولة بالصهاريج زيادةً وصلت نسبتها إلى 15 بالمائة. وإضافة إلى ذلك، طرأ تراجع ملموس على مستويات التلوث الناتج عن تصريف مياه الصرف الصحي في البحر، مما أدى إلى تقليص مخاطر تفشّي الأمراض المنقولة عن طريق المياه وإتاحة القدرة على إعادة تأهيل شواطئ إضافية للسباحة، وهي إحدى الأنشطة الترويحية القليلة المتيسرة أمام السكان في فصل الصيف.
كما انعكس استمرار التهدئة في مستوى الضحايا الذي شهد تراجعًا نسبيًا في مظاهرات مسيرة العودة الكبرى في غزة، حيث سُجِّل مقتل فلسطيني واحد وإصابة نحو 750 آخرين في شهر آب/أغسطس. ومع ذلك، فحسبما تبرِزه مقالة أخرى في هذه النشرة، لا يزال النظام الصحي المنهَك يكافح من أجل التعامل مع نحو 1,200 شخص أصابتهم الذخيرة الحية بجروح حرجة منذ بداية مسيرة العودة الكبرى ويحتاجون إلى العلاج اللازم لترميم أطرافهم. وحتى هذه اللحظة، خضع نحو 150 مصابًا لعمليات بتر في أطرافهم، حيث بُترت أطراف عدد كبير منهم بسبب التهابات العظام الناجمة عن عدم كفاية العلاج. وتحذِّر منظمة الصحة العالمية من أنه من المرجح أن تطرأ زيادة على عدد عمليات ’البتر الثانوية‘ بسبب الإلتهابات التي تصيب العظام في معظم الحالات، ما لم تشهد القدرات الحالية في مجال ترميم الأطراف تحسُّنًا ملموسًا.
وشهدت الضفة الغربية سلسلة من الحوادث العنيفة التي أسفرت عن وقوع ضحايا خلال شهر آب/أغسطس، مما يهدد بزعزعة الإستقرار. فقد أدت أربع هجمات شنّها فلسطينيون إلى مقتل إسرائيلييْن (جندي خارج وقت خدمته وفتاة تبلغ من العمر 17 عامًا) واثنين من منفّذي هذه الهجمات، أحدهما فتًى يبلغ 14 عامًا من عمره. وفي يوم 11 آب/أغسطس، اندلعت اشتباكات بعد أن دخلت مجموعة من الإسرائيليين إلى باحات المسجد الأقصى في البلدة القديمة بالقدس، حيث تصادف احتفال المسلمين بعيد الأضحى مع ذكرى خراب الهيكل لدى اليهود، مما أدى إلى إصابة 67 فلسطينيًا بجروح.
وتتطّرق المقالة الثالثة الواردة في نشرة هذا الشهر إلى الوضع في العيسوية بالقدس الشرقية. فمنذ شهر حزيران/يونيو، نفّذت الشرطة الإسرائيلية عمليات شبه يومية في هذا الحي، مما أدى إلى اندلاع إشتباكات أسفرت عن مقتل فلسطيني وإصابة 137 آخرين بجروح. ووفقًا للتقارير الإعلامية، وُجِّهت لوائح اتهام ضدّ ما يقل عن 2 بالمائة من بين 300 شخص اعتُقل خلال هذه الفترة، بينما أُطلق سراح من تبقّى منهم بعد فترة وجيزة من اعتقالهم. وعبرت منظمات حقوق الإنسان عن قلقها ازاء كون العمليات التي تنفّذها الشرطة قد تشكل عقابًا جماعيًا. وقد تسبّب استمرار حالة التوتر والعنف في تعطيل الحياة اليومية لما يزيد على 18,000 فلسطيني إلى حدّ كبير، مع ما يسببه ذلك من أثر يثير القلق على الأطفال. وتنفّذ منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) والمنظمات الشريكة طائفة من الأنشطة التي تستهدف تثقيف الأطفال وتوعيتهم في العيسوية. وفي مطلع شهر أيلول/سبتمبر، توصلت الشرطة الإسرائيلية وقادة المجتمع المحلي في العيسوية إلى تفاهم حول تقليص عمليات الشرطة وبدء العام المدرسي في الحي.