إن نظام التخطيط التقييدي المطبق في المنطقة (ج)، والتي تضم أكثر من 60 بالمائة من مساحة الضفة الغربية، حيث تحتفظ إسرائيل بسيطرة شبه حصرية، يجعل من المستحيل عمليا على الفلسطينيين الحصول على تراخيص البناء. وهذا يمنعهم من تطوير الخدمات الأساسية في تجمعاتهم، بما في ذلك التعليم. أكثر من ثلث المناطق السكنية في المنطقة (ج) (189 من أصل 532) تفتقر إلى مدرسة ابتدائية، ويضطر الأولاد إلى السفر لمسافات طويلة، وأحيانا سيرا على الأقدام، للوصول إلى أقرب مدرسة.
يضطّر بعض طلاب المدارس، بمن فيهم طلاب المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية من مدينة الخليل (H2) ، عبور حاجز عسكري و/أو يتعرضون للمضايقات من المستوطنين الإسرائيليين وهم في طريقهم إلى المدرسة. وتعتمد الأسر غالبا آليات مواجهة سلبية، بما في ذلك سحب الأولاد من المدارس، وهي ممارسة تؤثر بشكل خاص على الفتيات الفلسطينيات.
تتواجد التجمعات الرعوية الأربع المسمى البقعية: مكحول، الحديدية، خربة سمرا وخربة حمصة (حوالي 500 نسمة) في شمال غور الأردن في المنطقة (ج). ولا يمكن بناء مدارس في هذه المنطقة بسبب نظام التخطيط التقييدي. في العام الدراسي 2010-2011 ، اضطر 166 طالبا مدرسيا من هذه المجتمعات الأربعة السفر بين 27 و45 كيلومترا للوصول إلى مدارسهم الابتدائية. يحضر نصفهم تقريبا إلى مدارس طوباس وطمون، مما يقتضي منهم عبور أحد الحواجز في المنطقة (الحمرا وتياسير). وأفاد السكان، بمن فيهم سائق الحافلة المدرسية، عن حوادث متكررة من سوء المعاملة والإذلال يرتكبها الجنود الإسرائيليون الذين يطلبون من الطلاب النزول من الحافلة ليتم تفتيشهم.
قال عبد الرحيم بشارات، يبلغ من العمر 62 عاما، من سكان الحديدية، لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية:
"يذهب طلاب المدارس إلى طمون لإكمال تعليمهم، ويبقون هناك خلال الأسبوع، بينما يظل والداهم في التجمع. وأثناء تواجدهم في المدينة يهتم الأخ/الأخت الأكبر سنا ببقية الإخوة الآخرين في المدينة. ونتيجة لذلك، هناك في الغالب القليل من الإشراف على الأطفال أو الدعم المتاح لمساعدتهم في الواجبات المدرسية. على سبيل المثال، لدي أحد عشر طفلا تتراوح أعمارهم بين 7 و17 عاما يسكنون في نفس الشقة وحدهم. بشكل عام، تحصيل وأداء أطفالنا المدرسي ضعيف ومتدن، وجزء منهم يشعر بالحنين إلى البيت فيرغب بالعودة. حوالي 80 بالمائة من الطلاب يتسربون من المدارس. ومستوى التعليم لدى هذا الجيل هو في الواقع أقل من مستوى والديهم. ولو أن الطرق كانت مفتوحة وكان الوصول إلى المدارس غير محدود بالحواجز والعقبات الأخرى التي يضعها الجيش الإسرائيلي فإن الوصول إلى التعليم سيكون أسهل".
الطريق المباشر الذي يربط التجمعات بالمدارس في تلك المنطقة، والذي يتجاوز الحواجز، مغلق ببوابة تفتح فقط بشكل غير منتظم. ويقدر السكان أن أقل من 10 بالمائة من أطفالهم يتقدمون لامتحانات التوجيهي.
حالة نشرت في التقرير الخاص بالضفة الغربية في آب/أغسطس 2011 حول التهجير وانعدام الأمن في المنطقة (ج) التقريرالخاص بالضفة الغربية
لم تكن هناك مدارس في المنطقة في أيار/مايو 2017، ولا يزال الوصول إلى المدارس يشكل تحديا. وفي عام 2016، تحول الحاجزان اللذان يسيطران على الحركة بين هذه المنطقة وبقية الضفة الغربية إلى حواجز جزئية، أي يعمل فيها الجنود في بعض الأحيان فقط، مما يسهل على السكان التنقل.
يقول عبد الرحيم عند زيارته مرة أخرى في أيار/مايو 2017: "اضطر العديد من الأسر إلى مغادرة الحديدية بسبب عدم وجود مدارس. ليس لدى هذه الأسر من يهتم بأطفالهم في طمون أو طوباس، حيث يضطر العديد من أطفالنا أن يسكنوا وحدهم في مساكن مستأجرة خلال أيام الأسبوع، معتمدين على أنفسهم في كل شيء، حتى يتمكنوا من الذهاب إلى المدرسة. لمعالجة مشكلة مغادرة الأسر والتسرب من المدارس، حصلنا في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 على تمويل دولي لشراء حافلة مدرسية لتوصيل الطلاب إلي مدارسهم يوميا ولتعبيد الطريق لتسهيل عملية التنقل. إلا أن هذه الطريق تم تدميرها إلى جانب 26 مبنى آخر على يد السلطات الإسرائيلية، بعد بضعة أيام من شقِّها.
لكننا لم نستسلم. اتفقنا على أن تنتظر الحافلة المدرسية على الطريق الرئيسي بينما أستخدم جراري الزراعي لنقل الأولاد إلى الحافلة. ليس مهما المطر والبرد، وحقيقة أن الأولاد اعتادوا على البلل، إن ما أزعجهم على الأكثر هو الوحل. فقد كان الوحل من الجرار الزراعي يغطي لباسهم المدرسي وكانوا يصلون إلى المدرسة متسخين. جاءت إليّ ابنتي في يوم ما وقالت إنها لا تريد الذهاب إلى المدرسة لأن زملاءها كانوا يضحكون عليها، ويسخرون منها لأنها متسخة.
تحسنت فرص الوصول إلى المدارس إلى حد ما، وتقلصت التكاليف إلى حد كبير حيث أن وزارة التربية والتعليم الفلسطينية تدير الحافلة الآن، ولكن تبقى الطرق الإلتفافية الطويلة، تتراوح بين 27 و45 كيلومترا، وعدم وجود طرق مناسبة للوصول إلى مجتمعاتنا لحمل الطلاب، تحديا. على الرغم من أن حاجزي الحمرا وتياسير مأهولان جزئيا، إلا أننا ما زلنا نعاني. الجنود هناك يشبهون شمس الشتاء: إنهم يظهرون دون سابق إنذار ويبدؤون في تأخير الناس، بما في ذلك الحافلة المدرسية، بسبب إجراءات التفتيش الطويلة. نحن ضحية نزواتهم. ولهذا السبب أنا لا أعتبر التواجد الجزئي للجنود على الحواجز تحسنا. التحسن بالنسبة لنا يعني حرية التنقل بدون حواجز على الإطلاق".