نداء للعمل: الاستجابة الإنسانية العاجلة من أجل غزة

السيد مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ

البحر الميت، الأردن، 11 حزيران/يونيو 2024

شكرًا جزيلًا لكم على إتاحة هذه الفرصة للتحدث إليكم. شكرًا لكم، جلالة الملك [الملك عبد الله الثاني بن الحسين، عاهل الأردن]، والسيد الرئيس [عبد الفتاح السيسي، رئيس مصر]، وأصحاب السعادة الأمناء العامين المحترمين وأصدقاء الشعب الفلسطيني. 

وأريد أن أوصل شكري للأردن ومصر والأمين العام على جمعنا هنا اليوم للاستجابة للكارثة الإنسانية في غزة وأنقل تقديري لكم جميعًا لمشاركتكم. 

كما قلت، وكما قلنا كلنا مرات عديدة خلال الأشهر التسعة الماضية، إن ما شهدناه منذ يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر من العام المنصرم يُعد لطخة في جبين إنسانيتنا. ولذلك، فليس في وسعي إلا أن أكرر نداء العمل الذي أعرب عنه بكل قوة جلالة الملك عبد الله وفخامة الرئيس السيسي، والأمين العام بالطبع، في كلماتهم الافتتاحية. 

ولا أستطيع إلا أن أؤكد مجددًا على الأهمية البالغة التي يكتسيها العمل على وجه السرعة وعلى نحو حاسم لإنتشال غزة وسكانها من الهاوية التي يعرفونها حق المعرفة. 

لقد التقينا صبيحة هذا اليوم في ثلاث مجموعات عمل منفصلة لمناقشة وتحديد المهام ذات الأولوية الملموسة لهذا العمل العاجل. ويشرفني اليوم أن أنقل النتائج التي خلصت إليها الأفرقة العاملة إلى هذا الجزء الرفيع المستوى. 

فخلال هذه النقاشات المثمرة، استمعنا إلى مضيفينا المشتركين، وهم الأردن ومصر ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الشريكة في حركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر، فضلًا عن الجهات المانحة والدول الأعضاء. 

نظرت مجموعة العمل الأولى في الاحتياجات الإنسانية والمتطلبات اللازمة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة على نطاق واسع بما يشمله ذلك من المعايير المطلوبة للقدرة على التنبؤ بها. وتحتاج الآلية التي صدر بها تكليف من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وجاء الأمين العام على ذكرها، في القرار 2720 بشأن توجيه المعونات إلى غزة، إلى المزيد من الدعم لكي تدخل طور التشغيل الكامل داخل غزة، وأشيد بزميلتي سيغريد كاغ، كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية، على الجهود التي تبذلها. 

وحسبما أعلنته مجموعة العمل، يجب أن تُفتح جميع المعابر وأن تعمل بكامل طاقتها. ويجب تبسيط شروط إدخال الإمدادات الإنسانية والعاملين في المجال الإنساني. ويجب ضمان الظروف الآمنة والمواتية التي تمكّن العاملين في مجال تقديم المعونات الإنسانية من استلام المعونات وإيصالها إلى المدنيين المحتاجين في شتّى أرجاء غزة، ويجب تمويل النداء العاجل الذي أطلقته الأمم المتحدة من أجل غزة بالكامل. ووفقًا للأمم المتحدة وشركائها، تشير التقديرات إلى الحاجة إلى مبلغ قدره 2.5 مليار دولار لتقديم المعونات للسكان في غزة من شهر نيسان/أبريل حتى شهر كانون الأول/ديسمبر 2024. ويغطي هذا التمويل على وجه التقريب 930 مليون دولار للغذاء والتغذية، و400 مليون دولار للصحة والدواء و700 مليون دولار للمأوى والصرف الصحي. وعليَّ أن أضيف أننا سمعنا اليوم من الأردن توقعات بالحاجة إلى مبلغ قدره 300 مليون دولار شهريًا لتأمين السلع الأساسية للسكان في غزة، وهو رقم أكدّته مصر، واقترح كل من الأردن ومصر تقديرات إضافية تصل إلى 500 مليون دولار من أجل العمل بالمستوى الأمثل من القدرات لضمان تدفق المعونات من هذين البلدين الكريمين لمنفعة سكان غزة. 

وأقرّت مجموعة العمل الثانية بضرورة وقف فوري ودائم لإطلاق النار – وهذه دعوة تكاد لا تكون جديدة – وناقشت سبل التغلب على التحديات الجمّة التي تحول دون حماية المدنيين، ووصول المساعدات الإنسانية وتقديمها وتوزيعها داخل غزة وفي جميع أنحائها. كما لاحظت مجموعة العمل نقص الإمدادات والمعدات وتفشي انعدام الأمن والدمار الشامل، بما يشمله من الأضرار التي أصابت الطرق وغيرها من البنية التحتية الأساسية. وكان هناك، بالطبع، توافق حول هذا الدمار. وانتاب الجميع الذعر إزاء الحصيلة الضخمة للقتلى والجرحى والدمار والنزوح والنزوح المتكرر والإصابات والحرمان الذي يعاني منه السكان في غزة في غضون فترة لا تتجاوز تسعة أشهر، ناهيك عن الأضرار الفادحة التي لحقت بالعاملين في المجال الإنساني، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة، ومن وكالة الأونروا بالطبع وعلى وجه الخصوص، والذين فاقوا حصيلة القتلى في جميع أرجاء العالم على مدى السنوات الاثنتي عشرة مجتمعة. وما هو واضح أمامنا أننا في حاجة إلى تحول جذري في بيئتنا العملياتية، التي يجب أن تكفل الظروف الآمنة والمواتية والممكّنة للعاملين في مجال تقديم المعونات الإنسانية، وأننا في حاجة إلى أن تنتقل عملياتنا من طور عرقلتها إلى طور تيسيرها، وذلك في الوقت الذي نواصل العمل على اجتراح حلول ملموسة للتحديات التي تواجه إيصال المعونات. لذا، فنحن بالطبع ندعو الأطراف إلى التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني. ونؤكد مجددًا الدور الأساسي الذي تضطلع به الأونروا، التي يُعَدّ موظفوها ومقراتها العمود الفقري للعملية الإنسانية، وهي لا تزال وسوف تظل كذلك. 

وأكدّت مجموعة العمل هذه الحاجة إلى هذه التدابير الفورية لتيسير إيصال المعونات: أولًا، آلية فاعلة لتنسيق العمليات والإبلاغ عنها. وثانيًا، الإمكانية الكاملة للوصول إلى المعدات الأساسية اللازمة لسلامة العاملين في المجال الإنساني وأمنهم. وثالثًا، طرق يتيسر سلوكها وإزالة الذخائر المتفجرة. ورابعًا، ممر بلا عقبات لتوزيع المعونات والوصول إلى التجمعات السكانية في جميع أنحاء غزة. واخيرًا، تدفق إمدادات كافية ويمكن التنبؤ بها من الوقود والمعونات ذات الأولوية، إذا كنتم لا تمانعون. 

ونظرت مجموعة العمل الثالثة والأخيرة في الفرص المتاحة لدعم أولويات الإنعاش المبكر في غزة، ونحن على علم بحجم الدمار الهائل في غزة – المنازل والمدارس وأماكن العبادة وشبكات المياه وغيرها. واتفق جميع المشاركين في مجموعة العمل هذه على أن إعداد خطط الإنعاش المبكر، حتى في هذه المرحلة ومهما يبدو ذلك غير واقعي، يُعدّ ضروريًا لإعادة الكرامة والحقوق والأمل للسكان المكلومين الذين فقدوا كل شيء تقريبًا. وأشاد المشاركون بخطط الإنعاش الأولية التي يعمل عليها الفريق القُطري التابع للأمم المتحدة، الذي يضم الأونروا والبنك الدولي والسلطة الفلسطينية وغيرها من الشركاء، وتعهدوا بدعم مبادراته. وأعاد المشاركون التأكيد مرة أخرى على الدور الأساسي الذي تؤديه الأونروا في مرحلة الإنعاش المبكر، وخاصة في التعليم والصحة والدعم النفسي والاجتماعي، ويأكدون الأهمية الحاسمة في مرحلة الإنعاش المبكر لإزالة الذخائر غير المنفجرة والأطنان من الأنقاض والركام في مرحلة الإنعاش، وقد رأينا مؤخرًا البيانات التي صدرت عن الأمم المتحدة بشأن التدمير الاستثنائي الذي طال المباني في شتّى أرجاء غزة، وتأمين المأوى، وحلول إعادة الإسكان وتأهيل إنتاج الغذاء وفرص سبل العيش ودعم القطاع الخاص – والتي يجب أن تندرج كلها ضمن خطط إعادة إعمار غزة وينبغي أن تُستهل حالما تسمح الظروف الإنسانية بذلك. 

ومع ذلك، دعونا نوضح أنه ومع كل ذلك، وليس فيه من شيء جديد، فإن السبيل الوحيد للوفاء بالاحتياجات الإنسانية في غزة يتمثل وبكل بساطة في وقف فوري ودائم لإطلاق النار. 

جلالتكم، السيد الرئيس، السيد الأمين العام، أصحاب السعادة، السيدات والسادة، إن إنسانيتنا الجماعية ما زالت قائمة وتعمل. ففي سياق اتخاذ ما يلزم بشأن نتائج هذا المؤتمر، أقترح أن تتمثّل مهمتنا الجليلة في أن نسخِّر جانب من تلك الإنسانية وأن ننهض بمسؤولياتنا وأن نضع حدًا في نهاية المطاف لهذا الجنون الذي جلب البؤس على الناس في غزة. وأطلب دعمكم في جميع إجراءات المتابعة التي جرى تحديدها. 

شكرًا جزيلًا لكم.