اعتقلت القوات الإسرائيلية على مدى السنوات الثلاث الماضية ما يقرب من 700 طفل فلسطيني في القدس الشرقية كل عام، عادة بتهمة إلقاء الحجارة، ومؤخرا بتهمة التحريض على العنف في وسائل التواصل الاجتماعي. وقد أثارت بعض هذه الحالات ادعاءات بحدوث اعتداءات أثناء الاعتقال، و/أو النقل و/أو الاستجواب. ومما يبعث على القلق أيضاً، التغييرات الأخيرة التي أدخلت على التشريع الإسرائيلي، والتي تسمح بأحكام أشد قسوة بحق الأطفال المدانين بارتكاب جرائم مثل إلقاء الحجارة، بمن فيهم الأطفال الذين يبلغون من العمر 12 عاماً والذين يبدؤون بتنفيذ أحكامهم عند بلوغهم سن الرابعة عشر. ووضع بعض الأطفال الفلسطينيين المدانين أو الذين ينتظرون المحاكمة تحت الإقامة الجبرية. وبالرغم من أن ذلك أفضل من السجن بالنسبة للأطفال، فإن هذا يشكل ضغطا إضافيا على الأسر المتضررة.
أجرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) حواراً، منذ عام 2013، مع السلطات الإسرائيلية بشأن حقوق الأطفال أثناء الاحتجاز العسكري. وفي أعقاب هذا الحوار، بدأت القوات الإسرائيلية في عام 2014، تستبدل ممارسة الاعتقالات الليلية للأطفال الفلسطينيين، بإجراء الاستدعاء، وفي بعض الحالات، مما يخفف من بعض المخاوف المتعلقة بالحماية التي تظهر خلال الساعات الثماني والأربعين الأولى من الاعتقال، وخلال النقل والاحتجاز.
اعتقلت شرطة حرس الحدود الإسرائيلية في 5 آذار/مارس 2012، وفي حوالي الساعة 4:00 صباحا، صهيب الأعور، 14 عاما، من منزله في سلوان (القدس الشرقية)، واتهمته بالتحريض وإلقاء الحجارة وقنابل حارقة. وأفرج عنه في 4 نيسان/أبريل، ووضع قيد الإقامة الجبرية لمدة 12 شهرا، أربعة منها كانت بكفالة جدته البالغة من العمر 57 عاما في جبل المكبر، وهي منطقة أخرى من القدس الشرقية. ولم يكن مسموحا له بمغادرة المنزل خلال هذه الفترة، وكان على جدته البقاء معه طوال الوقت ما لم تكن أم صهيب، أو جده أو عمه حاضرين. وكان على الأسرة دفع غرامة قدرها 5,000 شيقل (1,300 دولار أمريكي) ، وكفالة قدرها 50,000 شيقل (13,000 دولار أمريكي) ضد انتهاكات شروط الإقامة الجبرية. لم يسمح لصهيب بالالتحاق بالمدرسة بعد اعتقاله، باستثناء امتحاناته النهائية، بشرط أن ترافقه والدته إلى المدرسة.
قال صهيب لدى وصفه لظروف اعتقاله:"عزلوني لمدة ... خمسة أيام. كانت الغرفة قذرة جدا، وغمرت مياه المجاري في أحيان كثيرة أرضيات الغرف ... استجوبوني لمدة 4-7 ساعات يوميا، وكانت يداي خلالها مكبلة وقدماي مربوطتان بكرسي. وكثيرا ما تعرضت للضرب. في إحدى الحالات، وضع المحقق كرسيا على ساقي واتكأ عليه، ثم هددني بسكين... ".
نشرت في النشرة الإنسانية لشهر أيار/مايو 2012.
"مضى على وجود صهيب في السجن عامين الآن. قبل يوم واحد من بلوغ الثمانية عشر عاماً من عمره في حزيران/يونيو 2015، اعتقلته شرطة حرس الحدود الإسرائيلية واتهمته بإشعال النار في سيارة جيب تابعة للجيش. وهو في الواقع كان في ذلك اليوم يعمل مع عمه في تل أبيب طوال اليوم. عندما كان على وشك أن يطلق سراحه بسبب عدم وجود أدلة، وجه الشاباك (المخابرات الإسرائيلية) اتهامات جديدة: الرشق بالحجارة والقنابل الحارقة على المستوطنين والجيش في وقت سابق. وحكم عليه بالسجن أربع سنوات. عرض عليه في الاستئناف المقدم إلى المحكمة العليا أن يقر بالذنب مقابل عقوبة مخفضة، لكن صهيب رفض الاعتراف بجريمة لم يرتكبها. عندما زرته آخر مرة أخبرني بأنه سينضم إلى إضراب السجناء المفتوح عن الطعام. لم أره أو أسمع عنه منذ 55 يوما الآن.
كان عمره 13 عاما فقط عندما اعتقل للمرة الأولى في حوالي الساعة 7:30 صباحا قبل دخوله مدرسته في رأس العامود. منذ ذلك الحين، كلما حدث شيء في سلوان يقوموا باعتقاله. وفي المجمل، تم اعتقال صهيب عشر مرات: وفي بعض هذه الحالات تم وضعه قيد الإقامة الجبرية، وفي حالات أخرى قضى في السجن ما مجموعه 21 شهرا، باستثناء العامين الماضيين.[4] وكل هذا حدث حين كان لا يزال طفلا، وبسبب اتهامات الرشق بالحجارة والقنابل الحارقة.
كانت أصعب عملية اعتقال له هي الثالثة عندما كان عمره 14 عاما فقط. كان كل شيء مرتبط بهذه العملية صادما: الاعتقال نفسه، عمليات الاستجواب، علامات سوء المعاملة والتعذيب على وجهه وأذنيه، وجلسات المحكمة. في تلك المرة، تم وضعه تحت الإقامة الجبرية لمدة 12 شهرا. حتى في ذلك الحين لم يترك لحاله: فقد اقتيد إلى مركز الشرطة خمس مرات للاستجواب. لم ينم صهيب لعدة ليال بأكملها. كنت أستيقظ ليلاً وأرى عينيه مفتوحتان تماماً. أصبحت العلاقة بيننا متوترة جداً خلال هذا الاعتقال المنزلي. كان عليّ أن أكون سجانته في المنزل لأنني وقعت أنا ووالده أوراقا تنص على أنه إذا انتهك شروط الإقامة الجبرية في المنزل، فإننا سندفع غرامة قدرها 50,000 شيقل.
أحدث اعتقال صهيب تغييرا في حياتي. أصبحت امرأة تنتقد الظلم علناً. أصعب شيء بالنسبة لي هو عدم القدرة على عناقه، أو لمسه أو حتى التقاط صورة معه.[5] إنه أمر مؤلم أنه حرم من طفولته ومراهقته. إنه أمر مؤلم حين يشعر ابني الثاني، الذي يصغر صهيب بعامين، أنه ليس لديه شقيق متواجد في البيت يستمتع برفقته. ومن المؤلم أن نرى أنه كسجين محرر ستكون فرص توظيفه محدودة.
لكن صهيب ما زال طموحا جدا، عازما على إتمام امتحانات التوجيهي أثناء وجوده في السجن. بوده دراسة العلوم السياسية، أو الصحافة أو القانون، لكي يتحدث بحرية ودون قيود. أخشى على حياته بعد أن يطلق سراحه، وخاصة في ظل الظروف الحالية. العيش في سلوان كما العيش في حقل ألغام، حيث يمكن أن تنفجر الأشياء في أي وقت. لكن يجب أن أكون متفائلة".
[4] دفعت الأسرة ما مجموعه 15,000 شيقل كغرامات، وكل مرة تقريبا اعتقل فيها صهيب اضطرت الأسرة لدفع المال من أجل إطلاق سراحه.
[5] كانت المرة الوحيدة التي سمح فيها لأمه بمعانقته عندما توفي والدها وذهبت لتبلغه الأخبار. وكان صهيب يقضي حكما بالسجن لمدة 21 شهرا.