اندلعت مظاهرات بمحاذاة السياج الحدودي الإسرائيلي مع غزة هذا اليوم، للجمعة الرابعة على التوالي، وذلك في سياق ’مسيرة العودة الكبرى‘ التي يُتوقع أن تستمر حتى يوم 15 أيار/مايو. ولغاية الساعة 19:00 من مساء اليوم، قتلت القوات الإسرائيلية أربعة فلسطينيين، بمن فيهم طفل، وأصابت 729 آخرين، من بينهم 45 طفلًا، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. كما أشارت الوزارة إلى أن 42 في المائة من الإصابات (305 أشخاص) أُدخلوا إلى المستشفيات، بمن فيهم 156 شخصًا أصيب بالذخيرة الحية. وفي ظل الموارد المحدودة، يكافح مقدمو الخدمات الصحية للتعامل مع تدفق عدد هائل من الضحايا، وهم في حاجة ماسّة إلى المزيد من الدعم والتمويل.
وأشار المسعفون الذين أخلوا الطفل الذي قُتل هذا اليوم إلى أنه أصيب بالذخيرة الحية في رأسه، على مسافة تقدر بـ50 مترًا عن السياج، شرق جباليا، دون وجود دليل على أنه كان يشكل أي تهديد للقوات الإسرائيلية. وأعرب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط عن غضبه من قتل الطفل ودعا إلى إجراء تحقيق بشأن مقتل الطفل.
وكان العدد الإجمالي للمشاركين في مظاهرات اليوم، والذي تراوح من 5,000 إلى 10,000 وفقًا لتقديرات متفاوتة، أقل مما كان عليه في يوم 13 نيسان/أبريل، حيث يشكل ذلك استمرارًا في انخفاض عدد المشاركين والذي لوحظ في الأسابيع الماضية. وقد تجمّع المتظاهرون عند الخيام الخمس نفسها. وقبل بداية المظاهرات هذا اليوم، فقد جرى نقل الخيام إلى مسافة تقدر بـ50-100 متر باتجاه السياج، ونُصبت على مسافة تتراوح من 600 إلى 650 مترًا من السياج. كما أقام منظمو المظاهرات سواتر رملية بجوار الخيام لحماية المتظاهرين، حسبما أفادت التقارير. وفي وقت مبكر هذا اليوم، ألقى الجيش الإسرائيلي منشورات في منطقة الخيام، تحذر فيها الفلسطينيين من الاقتراب من السياج.
وعقب صلاة الجمعة، سار المئات من المتظاهرين باتجاه السياج، حيث أحرقوا الإطارات، وألقوا الحجارة، والقنابل الحارقة وفقًا للمصادر الإسرائيلية، على القوات الإسرائيلية. وفي مناسبات عدة، أشارت التقارير إلى أن المتظاهرين أطلقوا طائرات ورقية تحمل مواد مشتعلة باتجاه الأراضي الإسرائيلية، حيث وصل بعضها إلى إسرائيل، غير أنها لم تتسبب في وقوع إصابات أو إلحاق إضرار. وردّت القوات الإسرائيلية، التي ضمت قناصين، على مظاهرات اليوم بإطلاق الذخيرة الحية، والعيارات المعدنية المغلفة بالمطاط وقنابل الغاز المسيل للدموع، والتي ألقتها الطائرات المسيرة دون طيار.
وعلى وجه الإجمال، فمنذ بداية الأحداث في يوم 30 آذار/مارس، قتلت القوات الإسرائيلية 37 فلسطينيًا في غزة، من بينهم 32 شخصًا في سياق المظاهرات، بمن فيهم أربعة أطفال، وخمسة في ظروف أخرى. كما أُطلقت النار باتجاه فلسطينييْن آخريْن وقُتلا في إسرائيل بعدما اجتازا السياج، وما تزال السلطات الإسرائيلية تحتجز بجثمانيهما. وقد تجاوز عدد الإصابات 4,900 إصابة، وفقًا لوزارة الصحة. ولم يبلَّغ عن وقوع إصابات بين الإسرائيليين.
وقد أثار العدد الكبير للضحايا في أوساط المتظاهرين العزٌل، بما في ذلك النسبة المرتفعة للمتظاهرين الذين أصيبوا بالذخيرة الحية، القلق إزاء الاستخدام المفرط للقوة، وأُطلقت الدعوات لإجراءات تحقيقات مستقلة، بما فيها تلك التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة ومفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان. وصرحت السلطات الإسرائيلية بأن العديد من الضحايا كانوا أعضاء في حركة حماس وغيرها من الجماعات المسلحة، واتُهمِت وزارة الصحة بتضخيم عدد الجرحى الذين أصيبوا بالذخيرة الحية.
تأتي الزيادة الكبيرة التي طرأت على الاحتياجات الإنسانية نتيجة للعنف وسقوط الضحايا في ضوء تدهور عام تشهده الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة. فالنظام الصحي، على وجه الخصوص، على حافة الانهيار نتيجة للحصار الذي ما يزال متواصل منذ عشرة أعوام، واستفحال الانقسام السياسي الداخلي الفلسطيني، وتردي أزمة الطاقة، وعدم انتظام دفع رواتب موظفي القطاع الصحي الحكومي، وتزايد حدة النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية. وتعاني نسبة كبيرة من المرضى الذين أدخلوا إلى المستشفيات منذ بداية المظاهرات من إصابات حرجة في أطرافهم السفلية، مما يستدعي إجراء عمليات جراحية معقدة. وسوف يعاني الكثير منهم من إعاقات طيلة حياتهم.
وقد أقامت وزارة الصحة، إلى جانب جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، نقاطًا طبية لإسعاف المصابين بجوار الخيام الخمس بمحاذاة السياج، من أجل إسعاف المصابين قبل تحويلهم إلى المستشفيات القريبة. ومنذ بداية المظاهرات، تسببت النيران الإسرائيلية في إصابة ما لا يقل عن 47 فردًا من أفراد الطواقم الطبية بجروح وإلحاق الأضرار بـ13 سيارة إسعاف، وفقًا لوزارة الصحة.
ومن أجل الحد من الخسائر في الأرواح والحيلولة دون وقوع إعاقات طويلة الأمد، قدر الإمكان، يدعم الشركاء في القطاع الصحي قدرات إدارة الإسعاف في حالات الطوارئ خلال الساعات الأولى من وقوع الإصابات. ومنذ يوم 30 آذار/مارس، شكّل الشركاء في مجموعة الصحة ومنظمة أطباء بلا حدود ستة فرق طبية، تضم جراحين متخصصين في الجراحة العامة وجراحة الأوعية الدموية والعظام والجراحة الترميمية، وأرسلتها إلى غزة. كما تقدم منظمة أطباء بلا حدود الرعاية التي تلي إجراء العمليات الجراحية لبعض المصابين. وفضلًا عن ذلك، صرفت المنظمات الشريكة في العمل الإنساني الإمدادات الطبية المنقذة للحياة، بما فيها 42 نوعًا من الأدوية و49 نوعًا من المستلزمات الطبية، بالإضافة إلى حقائب الإسعاف واللوازم الطبية، حيث وزعتها على النقاط الطبية لإسعاف المصابين و14 مدرسة عامة. وقد جرى صرف نحو 80 في المائة من المخزون، الذي أعدّته مجموعة الصحة سلفًا، حتى هذه اللحظة.
كما خلّف التعرض للعنف على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية آثارًا كبيرة على الصحية العقلية والنفسية، ولا سيما في أوساط الأطفال. فمنذ يوم 30 آذار/مارس، حوّل الشركاء في الفرق العاملة المعنية بالصحة العقلية والنفسية وحماية الأطفال التابعة لمجموعة الصحة 505 حالات من الأطفال المصابين لإجراء تقييم أولي لحالتهم، وحددت – من خلال المرشدين في المدارس – 175 حالة من الأطفال المصابين للعلاج النفسي، ونفذت 115 زيارة طارئة للمنازل، وردت على العديد من المكالمات على الخط الساخن المجاني للإرشاد.
ويعمل شركاء آخرون في مجموعة الصحة على جمع وتدقيق المعلومات حول الضحايا، مع التركيز بوجه خاص على الأشخاص المصابين بالذخيرة الحية، وإدخال هذه الحالات في قاعدة بيانات مركزية، وإجراء التحقيقات الأولية والتحليل القانوني بشأنها، وتقديم المساعدة القانونية للأفراد الذين يحتاجون تصاريح سفر للحصول على العلاج العاجل خارج غزة.
وبالنظر إلى نطاق الأحداث والإمكانيات المحدودة المتاحة لمقدمي الخدمات في غزة، دعا المنسق الإنساني، جيمي ماكغولدريك، في يوم 19 نيسان/أبريل، إلى حماية المتظاهرين الفلسطينيين، كما دعا المانحين لدعم المنظمات الشريكة في العمل الإنساني بتقديم 5.3 مليون دولار كتمويل فوري لتلبية الاحتياجات الصحية والنفسية-الاجتماعية والحماية حتى يوم 31 أيار/مايو 2018. وهذا التمويل مطلوب بالإضافة إلى أكثر من 400 مليون دولار جرى طلبها في خطة الاستجابة الإنسانية لتنفيذ التدخلات في قطاع غزة.
إخلاء مسؤولية: تستند البيانات والتحليلات الواردة في هذا التحديث العاجل إلى المعلومات الأولية المتاحة. ومن المقرر إجراء تقييمات إضافية في وقت لاحق.