الأثر الإنساني بعد 20 سنة على بناء الجدار - كانون الأول/ديسمبر 2022
حقائق أساسية
في العام 2002، شرعت إسرائيل في بناء جدار بهدف معلن يتمثل في منع الهجمات العنيفة التي يشنها الفلسطينيون داخل إسرائيل. ويقع الشطر الأعظم من مسار الجدار داخل الضفة الغربية ولا يمتد على خط الهدنة لسنة 1949 «الخط الأخضر». ويشار إلى المنطقة الواقعة بين الخط الأخضر والجدار بعبارة «منطقة التماس.»
يُعد الجدار عنصرًا من سلسلة من القيود التي لا تزال إسرائيل تفرضها على الفلسطينيين منذ العام 1967، ومن جملتها العقبات المادية والقيود البيروقراطية كالشروط التي تقتضي استصدار التصاريح وتصنيف المناطق باعتبارها مناطق مقيد الوصول إليها أو مغلقة. ويتألف هذا الجدار من جدران إسمنتية، وأسيجة، وخنادق، وأسلاك شائكة، ومسارات رملية، ونظام مراقبة كهربائي، وطرق لتسيير الدوريات ومنطقة عازلة وعدة حواجز عسكرية.
يبلغ الطول الكلي للجدار، بشقيه المبني والمخطط، 713 كيلومترًا ويزيد عن ضعفي طول الخط الأخضر. وقد اكتمل بناء ما نسبته 65 بالمائة من المسار المقر.
يتغلغل ما نسبته 85 بالمائة من مسار الجدار داخل أراضي الضفة الغربية. وسوف يعزل، في حال إكماله حسب مخططه، 9 بالمائة من أراضي الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.
تقع 71 مستوطنة إسرائيلية ويقيم أكثر من 85 بالمائة من المستوطنين في «منطقة التماس.»
يملك نحو 150 تجمعًا سكانيًا فلسطينيًا في بقية أنحاء الضفة الغربية أراضٍ زراعية في «منطقة التماس،» مما يجبر سكانها على تقديم طلبات للحصول على تصاريح خاصة أو إجراء «التنسيق المسبق» لكي يتمكنوا من الوصول إلى محاصيلهم وقطعانهم.
لا يستطيع المزارعون الوصول إلى أراضيهم إلا عبر 69 بوابة تسيطر السلطات الإسرائيلية عليها وتكون مغلقة في العادة. ولا يُفتح معظم البوابات الزراعية إلا في موسم قطف الزيتون في شهري تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر لوقت محدود كل يوم.
كما يعتمد نحو 11,000 فلسطيني يعيشون في «منطقة التماس» ويحملون بطاقات هوية الضفة الغربية على التصاريح أو الترتيبات الخاصة لكي يسكنوا في منازلهم.
يحتاج الفلسطينيون من حملة هوية الضفة الغربية إلى تصاريح خاصة من السلطات الإسرائيلية لدخول القدس الشرقية. ولهم أن يدخلوها عبر أربعة حواجز من أصل 14 حاجزًا مقامًا على الجدار.
في 21 حزيران/يونيو 2022، وبعد سلسلة من الهجمات في إسرائيل، باشرت السلطات الإسرائيلية العمل على إصلاح مقطع يبلغ طوله 45 كيلومترًا من الجدار في شمال الضفة الغربية وتدعيمه، واستبدلت أجزاء من هذا المقطع لمنع الفلسطينيين الذين يدخلون إسرائيل عبر الفتحات التي كانت فيه.
الوصول إلى الأراضي الزراعية التي يعزلها الجدار
يقع الشطر الأكبر من مسار الجدار داخل الضفة الغربية، حيث يعزل التجمعات السكانية والأراضي الزراعية الفلسطينية في «منطقة التماس» عن بقية أنحاء الضفة الغربية ويسهم في تقطيع أوصال الأرض الفلسطينية المحتلة. ويعد ضم المستوطنات الإسرائيلية أهم عامل يقف وراء قرار الحكومة الإسرائيلية بتحويل مسار الجدار عن الخط الأخضر إلى داخل الضفة الغربية.
قضت محكمة العدل الدولية، في الفتوى التي أصدرتها في العام 2004 بأن مقاطع الجدار التي تتغلغل داخل الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، إلى جانب نظام البوابات والتصاريح المرتبط به، تخالف الالتزامات الواقعة على إسرائيل بموجب القانون الدولي. ودعت المحكمة إسرائيل إلى وقف بناء الجدار وتفكيك المقاطع التي شُيدت منه بالفعل وإلغاء جميـع التدابير التشـريعية المتصـلة بـه.
يحول الجدار بين الفلسطينيين الذين يقطنون في «منطقة التماس» وبين الوصول إلى أماكن عملهم والخدمات الأساسية في بقية أرجاء الضفة الغربية. ويتعين على هؤلاء الحصول على تصاريح أو إجراء «التنسيق المسبق» والمرور عبر الحواجز المقامة على الجدار لكي يتسنى لهم مواصلة السكن في منازلهم والمحافظة على علاقاتهم الأسرية والاجتماعية مع باقي الضفة الغربية. وبالمثل، تتعطل إمكانية وصول مقدمي الخدمات، كسيارات الإسعاف وفرق الإطفاء، إلى هذه التجمعات.
تقوضت سبل عيش آلاف الأسر التي تعتمد على الزراعة بسبب نظام البوابات والتصاريح، التي تعوق المزارعين عن الوصول إلى أراضيهم الزراعية وأراضي الرعي في «منطقة التماس.» وترفض طلبات التصاريح بانتظام بحجة أن المزارعين يخفقون في إثبات «علاقتهم بأراضيهم» على نحو يقنع السلطات الإسرائيلية، وبحجة المخاوف الأمنية كذلك. وبسبب إغلاق جميع البوابات الزراعية بصورة دائمة تقريبًا، مع استثناءات محدودة، اضطُر حملة التصاريح إلى التوقف عن زراعية أراضيهم أو التحول من زراعة المحاصيل ذات العمالة الكثيفة إلى زراعة المحاصيل البعلية وذات القيمة الأدنى.
بين العامين 2014 و2021، انخفض عدد التصاريح التي طلبها أصحاب الأراضي والعمال الزراعيون بنسبة 77 بالمائة. ويعزى هذا الانخفاض في جانب كبير منه إلى الطلبات التي ترفض بمعدلات عالية، والإجراءات المرهقة لتقديم الطلبات، وإصدار التصاريح لفترات قصيرة وفتح البوابات في أوقات محدودة، من جملة عوامل أخرى. وأسفرت القيود المفروضة على إمكانية الوصول عن تراجع إنتاج الأراضي الواقعة خلف الجدار بما نسبته 60 بالمائة.
تسبب الجدار في تغيير الجغرافيا والاقتصاد والحياة الاجتماعية في أوساط الفلسطينيين من سكان القدس الشرقية، فضلًا عن حياة سكان التجمعات الحضرية الأكبر. فقد عزلت الأحياء والضواحي والأسر عن بعضها بعضًا وعن المراكز الحضرية، وعزلت التجمعات الريفية عن أراضيها.