ازدادت عمليات الهدم في مختلف أنحاء الضفة الغربية خلال شهري يوليو وآب/أغسطس 2016. وهدمت السلطات الإسرائيلية، أو أجبرت السكان على الهدم، أو صادرت ما مجموعه 177 مبنى يملكها فلسطينيون، مما أدى إلى تهجير 267 فلسطينياً وتضرر معيشة 2,800 شخص خلال شهرين.
وكانت ثمانية من هذه الأبنية منازل عائلات فلسطينيين مشتبه بهم بتنفيذ أو المساعدة في تنفيذ هجمات ضد إسرائيليين، وكإجراء عقابي. هدمت القوات الإسرائيلية وقصفت ومن ثم هدمت بالجرافات بناء آخر مكون من ثلاثة طوابق خلال عملية اعتقال في قرية صوريف (الخليل). وهُدِّمَت بقية المباني التي تقع في المنطقة (ج) والقدس الشرقية أو صودرت بحجة عدم حصولها على تراخيص للبناء، وهي تراخيص يستحيل تقريبا الحصول عليها. وتضرر نتيجة عمليات الهدم ما مجموعه 42 تجمّعا وحيا فلسطينيا.
وتأتي هذه الأرقام في أعقاب انخفاض ملحوظ سُجّل خلال شهري أيار/مايو وحزيران/يونيو، يعود جزئيا إلى وقف عمليات الهدم الذي أعلن عنها خلال شهر رمضان. وبلغ مجموع المباني التي استهدفت خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام 821 مبنى، وهو ما يُمثل ارتفاعاً بنسبة 50 بالمائة مقارنة بعام 2015 برمته(548).
كان 94 من بين المباني التي استهدفت في تموز/يوليو وآب/أغسطس 2016، يقع في تجمعات بدوية ورعوية ضعيفة في المنطقة (ج)، هُدمت أو صودرت بحجة عدم حصولها على تراخيص بناء. ويواجه معظم سكان هذه المناطق المقدر عددهم بما يقرب من 30,000 فلسطيني خطر التهجير القسري بسبب الإجراءات القسرية التي نتجت عن السياسات الإسرائيلية. وتتضمن هذه السياسات الحرمان من التخطيط الكافي من أجل السماح للسكان بالبناء بشكل قانوني في مواقعهم الحالية، وما يتصل بها من عمليات هدم ومصادرة للمنازل والمباني التي تستخدم لكسب العيش.
وفككت السلطات الإسرائيلية، في أحد هذه الحوادث في 8 آب/أغسطس، 1,000 متر من أنابيب المياه وصادرت وألحقت أضرارا بأنابيب أخرى طولها 2500 متر قدمتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ومولتها جهات دولية مانحة. وكانت هذه الأنابيب معدّة لتزويد ما يقرب من 1,000 شخص بمياه الشرب في خمسة تجمعات شحيحة بالمياه (خربة يرزه وأربع من القرى المجاورة) تقع في مناطق لأغراض التدريب العسكري (منطقة إطلاق نار) شرقي غور الأردن. وتعدّ هذه الواقعة الثالثة منذ كانون الثاني/يناير 2015 تُستهدف فيها مبان متعلقة بالمياه في هذه المنطقة.
يبلغ سعر مياه الأنابيب الذي تزوده شبكات المياه خمسة شواقل إسرائيلية للمتر المكعب، بينما يدفع سكان التجمّعات غير المتصلة بشبكات المياه ما بين 20-50 شيقل إسرائيلي للمتر المكعب لمزودين خاصين يزودونهم بمياه الصهاريج اعتمادا على المسافة والقيود المفروضة على الوصول. وقد تبلغ تكاليف شراء المياه أكثر من نصف المصاريف الشهرية للعائلة في التجمعات الأكثر فقرا.[i]
وفي حادث آخر وقع في 16 آب/أغسطس في تجمّع جورة الخيل الرعوي (الخليل)، هدمت السلطات الإسرائيلية سبعة منازل، وثمانية مراحيض، وحظيرة للماشية، وصادرت خلاطة اسمنت: ودمرت كذلك ثلاثة خزانات مياه بلاستيكية (غير مشمولة في المجموع) أثناء هذا الحادث. وكانت ثلاثة من المراحيض قد مولتها جهات مانحة دولية ومنظمات انسانية. ونتيجة لذلك تمّ تهجير سبع عائلات، مكونة من 37 فردا، من بينهم 16 طفلا.
هُدِّمَ خلال شهري تموز/يوليو وآب/أغسطس 50 مبنى داخل الحدود البلدية التي حددتها إسرائيل لمدينة القدس، من بينها ثلاثة مبان هدمها أصحابها في أعقاب تسلمهم أوامر هدم. وبالتالي يصل عدد المباني التي هدمت منذ بداية العام إلى 28 مبنى، وهو أعلى عدد منذ عام 2009، عندما بدأ مكتب تنسيق الشؤون الانسانية بتوثيق هذا المؤشر بشكل منهجي. وكان نصف المباني التي استهدفت حتى الآن مبانِ سكنية، من بينها 21 مبنى مأهولا مما أدى إلى تهجير 124 شخصاً و43 مبنى غير مأهول أو قيد الإنشاء، أما نصف المباني الآخر فتشمل مبان تجارية ومبان تستخدم لكسب العيش.
ووقعت أكبر عملية هدم تضمنت هدم 15 مبنى في 26 تموز/يوليو في قسم من قرية قلندية يقع داخل حدود بلدية القدس على الرغم من أنه مفصول عن بقية المدينة بسبب الجدار.[ii] وتعتبر هذه الحادثة غير عادية نظرا لأنّ السلطات الإسرائيلية امتنعت في السنوات السابقة عن تنفيذ عمليات هدم في المناطق البلدية الواقعة خلف الجدار، ولم يتضح بعد ما إذا كانت عمليات الهدم في قلندية استثنائية أو تمثل بداية لتغيير في السياسات. وما زال الفلسطينيون الذين يعيشون في هذه المناطق مستمرون في دفع الضرائب البلدية على الرغم من أن البنية التحتية العامة والموارد والخدمات التي يتلقونها متدهورة بشكل كبير أو غائبة تماما.
يواجه تجمع سوسيا الرعوي الواقع في محافظة الخليل خطرا وشيكا بالهدم الجماعي والتهجير القسري وذلك بعد إصدار دولة إسرائيل قراراً في حزيران/يوليو 2016 يقضي بالانسحاب من المفاوضات مع محامي التجمّع حول مصير هذا التجمّع.[iii] وما تزال القضية معلقة لدى محكمة العدل العليا الإسرائيلية وستقدم الدولة موقفها في كانون الأول/ديسمبر.
تقع القرية بين مستوطنة سوسيا جنوبا وبؤرة استيطانية شمالاً. وكان سكان القرية واجهوا موجات ترحيل مختلفة. وأعلنت إسرائيل في عام 1986 القرية موقعا أثريا وأخلت جميع سكانها وأقامت بؤرة استيطانية على الجانب الشمالي من الموقع ذاته بعد بضع سنوات. وتعرض معظم السكان الذين انتقلوا إلى الموقع الحالي لعمليات هدم جماعية في عامي 2001 و2011 بسبب عدم حصولهم على تراخيص بناء.
وحاليا يوجد ضد ما يقرب من 170 من مباني القرية، نصفها قُدّم كمساعدات انسانية، أوامر هدم معلقة. ورفضت السلطات الإسرائيلية مرارا مخططات بناء قدمها السكان من شأنها إتاحة المجال لإصدار تراخيص بناء. وخلال السنوات الأخيرة قدمت منظمة استيطانية التماسا للمحكمة العليا الإسرائيلية لتسريع تنفيذ أوامر الهدم.
وخلافا لذلك منحت مستوطنة سوسيا مخططات بناء سخية تتيح المجال أمام تطوير وحدات سكنية وبنية تحتية في المستقبل. وبالرغم من أنّ البؤرة الاستيطانية أقيمت دون تصريح وبما يخالف القانون الإسرائيلي إلا أنّه تم وصلها بشبكات المياه والكهرباء. ونتيجة لعنف وإرهاب المستوطنين المنهجي، لا يستطيع سكان قرية سوسيا الوصول سوى لحوالي ثلثي المناطق الزراعية والرعوية في تجمّعهم.
منذ بداية عام 2016، هدمت السلطات الإسرائيلية أو صادرت ما مجموعه 222 من المباني، أو المواد التي قدمت كمساعدات إنسانية، أكثرها قُدّم استجابة لعمليات هدم سابقة. ويعدّ هذا العدد أكثر من مثلي المباني التي هدمت أو صودرت في عام 2015 برمته.
[i] انظر النشرة الإنسانية الصادرة عن مكتب تنسيق الشؤون الانسانية، تموز/يوليو 2016، صفحة 7.
[ii] اثنتان من المناطق موجودة في قرية قلندية الواقعة في المنطقة (ج) والبقية ضمن حدود بلدية القدس.
[iii] للمزيد من المعلومات أنظر تقرير مكتب تنسيق الشؤون الانسانية، سوسيا: تجمّع يتهدده خطر التهجير القسري الوشيك، حزيران/يونيو 2015.