أكثر من 95 بالمائة من المياه المستخرجة من طبقة المياه الجوفية الواقعة تحت أرض قطاع غزة غير صالحة للاستهلاك البشري. ويُعزى ذلك بالأساس للإفراط في استخراج المياه منذ فترة طويلة، بالإضافة إلى تسريب مياه الصرف الصحي غير المعالج ومياه البحر. وتتجاوز مستويات الكلور والنترات في المياه المستخرجة في معظم المناطق نسبة تصل إلى ثماني أضعاف المستويات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية لمياه الشرب. ومع استمرار نمو السكان في غزة، يتوقع تقرير للأمم المتحدة صدر في عام 2012 أن يزداد الطلب على المياه في غزة بحلول عام 2020 بنسبة 60 بالمائة، في حين أن الأضرار التي لحقت بطبقة المياه الجوفية قد يستحيل إصلاحها.[1]
يعتمد تسعة من كل عشرة أشخاص في غزة على صهاريج مياه التحلية على الأقل لأغراض الشرب والطهي، إدراكا منهم لمخاطر استعمال مياه الصنبور. وينتج القطاع الخاص ما يزيد عن 80 بالمائة من مياه التحلية المتاحة حاليا في غزة من المياه الجوفية.[2] إن الاعتماد على هذا المصدر من أجل استهلاك المياه المنزلية يشكل عبئا ماليا ثقيلا على الأسر الفقيرة أصلا، وقد تزيد تكلفته عن تكلفة المياه التي تقدمها شبكة المياه 30 مرة. وعلاوة على ذلك، فإن هذا المصدر يشكل أيضا خطرا على الصحة، إذ تبين الدراسات أن ما يقرب من 70 بالمائة من مياه التحلية التي ينتجها القطاع الخاص تعاني من بعض التلوث، على الرغم من الجهود الأخيرة التي تبذلها سلطة المياه الفلسطينية لمراقبة جودتها.[3]
وللتخفيف من حدة هذا الوضع، قامت اليونيسف، بدعم مالي من الاتحاد الأوروبي، لإدارة مشروع بناء أكبر محطة لتحلية مياه البحر في قطاع غزة. وتم افتتاح المحطة في دير البلح رسميا في 19 كانون الثاني/يناير 2017، ولكن بحلول نهاية شباط/فبراير كانت المحطة تعمل فقط على أساس جزئي/ وحسب الظروف ويتم تشغيلها بوقود الطوارئ بتمويل من صندوق التمويل الإنساني. وسوف تنتج المحطة في البداية 6,000 متر مكعب من مياه التحلية يوميا، مع السعي لزيادة الكمية إلى ثلاثة أضعاف هذا الحجم (حوالي 20 ألف متر مكعب يوميا) بحلول عام 2020، وخدمة 275,000 شخص في رفح وخان يونس بتقديم 90 لترا من مياه الشرب الآمنة للفرد الواحد في اليوم.
وينبغي مراعاة مدى ملائمة المواد المستخدمة في إنشاء المشروع واستدامتها البيئية، إلى جانب القيود التي تفرضها إسرائيل على الواردات ضمن المواد المصنفة كمواد “مزدوجة الاستخدام” لمخاوف أمنية. وتم الاتفاق على آلية مراقبة وإنشاء قناة اتصال رسمية مع وزارة الدفاع الإسرائيلية لضمان وصول المواد بانتظام إلى المحطة على الرغم من القيود.
وتطبق المحطة تقنية لتحلية المياه تتسم بالكفاءة والابتكار تسمح للمضخات بالعمل باستخدام كهرباء متوسطة الجهد بدلا من الجهد العالي غير المتوفر في قطاع غزة.[4] وسوف تولد خلايا النظم الشمسية التي تم تركيبها على أسطح المباني ما يصل إلى 12 بالمائة من ذروة استهلاك الطاقة (1.2 ميجاوات). وحددت دراسة جدوى أجراها الاتحاد الأوروبي بدائل لزيادة حصة الطاقة المتجددة بنسبة تصل إلى 80 بالمائة. بالإضافة إلى ذلك، أدى استخدام الدوائر التلفزيونية المغلقة لتقييم حالة خطوط الأنابيب الطويلة المهجورة إلى توفير كبير في التكاليف. وأخيرا، تُجري اليونيسف أيضا حملة توعية للمستخدمين حول قيمة مياه التحلية.
[1] غزة في عام 2020: هل ستكون مكانا ملائما للعيش؟ فريق الأمم المتحدة القُطري في الأرض الفلسطينية المحتلة، 2012.
[2] الوكالة الفرنسية للتنمية، شراكة بين القطاعين العام والخاص والمنظمات غير الحكومية للتكيف مع أزمة مياه الشرب في قطاع غزة - ورقة مفاهيم – أيار/مايو 2016، صفحة رقم 1.
[3] مسح لمحطات تحلية المياه المالحة الخاصة والعامة في قطاع غزة، والتي ستوفر البيانات والمعلومات الضرورية لتحسين إمدادات مياه الشرب في قطاع غزة، مركز الهندسة والتخطيط، وسلطة المياه الفلسطينية، الهيئة الألمانية للتعاون الدولي، أيلول/سبتمبر 2015.
[4] تحديد متطلبات الأداء لاستهلاك الطاقة في المحطة بحد أقصى 4 كيلووات لكل متر مكعب من مياه التحلية.