أقيمت مظاهرات جماهيرية على امتداد السياج الحدودي لإسرائيل مع قطاع غزة مجدداً اليوم للجمعة السابعة على التوالي وذلك في سياق "مسيرة العودة الكبرى". ولغاية الساعة الثامنة من مساء اليوم نفسه، أفادت التقارير بمقتل رجل فلسطيني من قبل القوات الإسرائيليةً، وأصيب، وفقاً لوزارة الصحة في القطاع، 973 شخصاً، منهم 38 في المائة قد استلزم نقلهم الى المشافي لتلقي العلاج، وقد أصيب 176 من بين هؤلاء بالرصاص الحي، عشرة منهم في حالة حرجة.
وقدر العدد الإجمالي للمتظاهرين في احتجاجات اليوم من 6,000 إلى 8,000 متظاهر، وهو أعلى من الرقم الذي تم توثيقه في يوم الجمعة المنصرم. فبعد أداء صلوات الجمعة، انطلق المئات من المتظاهرين من مواقع الخيام الخمس باتجاه السياج الحدودي، حيث أحرقوا الإطارات وألقوا الحجارة باتجاه القوات الإسرائيلية، وأطلقوا طائرات ورقية تحمل مواد مشتعلة نحو الأراضي الإسرائيلية، مما أدى إلى اشتعال المحاصيل في إسرائيل. كما وألحقوا الضرر بالأسلاك الشائكة المقامة على الجانب الغزي من السياج الحدودي في عدة مواقع، ولكن لم تكن هنالك محاولات لكسر السياج الحدودي.
وقد ردت القوات الإسرائيلية على المظاهرات بإطلاق العيارات المعدنية المغلفة بالمطاط وقنابل الغاز المسيل للدموع، والتي تم اسقاطها أيضاً من طائرات دون طيار، وبإطلاق الذخيرة الحية عبر القناصة أيضاً. وقد حذرت القوات الإسرائيلي عبر المكبرات بأنها ستستخدم الذخيرة الحية، ما دفع المتظاهرين إلى التراجع من محيط السياج الحدودي.
واقتحم المئات من الفلسطينيين الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم، حيث أفادت التقارير الأولية إلى أن الضرر الذي لحق بمرافق المعبر يفوق ذلك الموثق في الجمعة المنصرمة. وتشير التقارير الأولية إلى أن نيراناً اندلعت في غرفة التحكم والحزام المتحرك وأنابيب الوقود، مما أدى بها الى اضرار جسيمة. وقال المنسق الإنساني للأرض الفلسطينية المحتلة، جيمي مكغولدريك: "أنا قلق للغاية بشأن التقارير التي تفيد بأن أضراراً لحقت بالمعبر. وعلى الرغم من أن تقييم الخسائر لا يزال مستمراً، إلا أن احتمالية تعطل العمليات على المعبر أمر مقلق. وفي هذا الصدد، أدعو المتظاهرين إلى تجنب القيام بأعمال تؤثر سلباً على عمل النقطة الوحيدة التي تعبر من خلالها المساعدات الإنسانية، وأدعو السلطات المعنية إلى إصلاح الأضرار في أقرب وقت ممكن."
وقد أعلنت السلطات المصرين عن فتح معبر رفح للمسافرين بشكل استثنائي لمدة أربعة أيام ابتداءً من 12 أيار. ويذكر أن معبر إيرز مع إسرائيل للمسافرين سيكون مغلقاً يوم السبت، باستثناء السماح بعبور الحالات الإنسانية العاجلة، ومن المتوقع أن يعاد فتحه أمام حملة التصاريح يوم الأحد.
ومنذ 30 آذار، قتلت القوات الإسرائيلية 41 فلسطيني، من بينهم خمسة أطفال، في سياق المظاهرات. كما وقتل 12 فلسطيني آخر خلال الفترة ذاتها في ظروف أخرى، من بينهم خمسة تعرضوا لإطلاق النار عند السياج الحدودي أو بعد اجتيازه دخولا إلى إسرائيل، وتفيد التقارير باحتجاز جثثهم من قبل السلطات الإسرائيلية. وتجاوز العدد الإجمالي للإصابات 9,800 إصابة، من بينهم حوالي 5,000 مصاب أدخلوا المستشفيات. ووفقاً لوزارة الصحة في غزة ولغاية 4 أيار، أصيب 169 شخصاً من الطواقم الطبية وتضررت 18 سيارة إسعاف. ولم ترد أية تقارير بشأن إصابات في أوساط الإسرائيليين.
وأثار العدد الكبير من الضحايا في أوساط المتظاهرين غير المسلحين، وتحديداً النسبة العالية من الإصابات بالذخيرة الحية، المخاوف بشأن الاستخدام المفرط للقوة، هذا إلى جانب الدعوات لتحقيقات مستقلة في هذه الأحداث، بما في ذلك دعوة الأمين العام للأمم المتحدة. وصرحت السلطات الإسرائيلية أن العديد من القتلى هم أعضاء في حركة حماس وغيرها من المجموعات المسلحة، واتهمت وزارة الصحة بالمبالغة في أعداد المصابين بالذخيرة الحية. كما وصرحت إسرائيل أن آلية تقصي الحقائق بالنظر الى استخدام القوة، بما في ذلك حوادث إطلاق النار المميتة.
ومن المتوقع أن تصل فعاليات "مسيرة العودة الكبرى" إلى ذروتها في 14 و15 أيار، حيث تتوالى الدعوات للتوجه نحو السياج الحدودي واختراقه، مما يثير قلقا باحتمالية وقوع عدد كبير من الضحايا.
استجابات إنسانية مستمرة
حددت الجهات الإنسانية الفاعلة ثلاثة مجالات للتدخلات اللازمة للاستجابة للاحتياجات العاجلة التي تنجم عن الاحتجاجات المتواصلة، وهي: تقديم الرعاية الصحية الفورية والمنقذة للحياة، التحقق من وتوثيق الانتهاكات المحتملة التي تمسّ الحماية، وتوسيع نطاق تقديم خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي للأشخاص الذين أصيبوا بجروح أو لحق بهم الضرر بخلاف ذلك. وقد جرى طلب مبلغ بقيمة 5.3 مليون دولار أمريكي للاستجابة للاحتياجات الإنسانية التي ستظهر لغاية 31 أيار 2018. ولغاية هذه اللحظة، تم توفير 2.2 مليون دولار من صندوق التبرعات الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة، في حين خصص صندوق الأمم المتحدة المركزي للاستجابة لحالات الطوارئ مبلغ 1.26 مليون دولار بالأمس.
وتعتبر الاستجابة في مجال الصحة الأولوية الرئيسية، بالنظر الى الارتفاع الكبير في عدد الضحايا والظروف السيئة التي يمر بها قطاع الصحة في غزة بسبب الحصار المستمر منذ عشر سنوات وتعميق حالة الانقسام الداخلي الفلسطيني وتدهور أزمة الطاقة وعدم انتظام رواتب العاملين في مجال الصحة في القطاع العام والنقصان المستمر في الأدوية والمستلزمات الطبية.
وهنالك حاجة لـ148 نوع من الأدوية للاستجابة للإصابات، منها 107 فقط (72 في المائة) في قطاع غزة متوفر في الوقت الحالي. وعلى وجه العموم، وصل مخزون الأدوية لـ45 في المائة من الأدوية الرئيسية إلى الصفر (يكفي لأقل من شهر)، واستنفذ 40 في المائة من الأدوية بشكل كامل، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. وأشارت وزارة الصحة إلى أنه يتم العمل على ترتيبات لإيصال 20 شاحنة محملة بالأدوية والمستلزمات من الضفة الغربية بقيمة ثلاثة ملايين دولار أمريكي. ولكن من المحتمل أن يتأخر وصولها إلى المخازن المركزية في غزة بسبب تعطل العمليات على معبر كرم أبو سالم.
وتعتمد 54 منشأة طبية في قطاع غزة بشكل كبير على أكثر من نصف مليون لتر من وقود الطوارئ الذي توفره الأمم المتحدة شهرياً لتشغيل المولدات الاحتياطية، وذلك في ظل انقطاع الكهرباء لأكثر من 20 ساعة يومياً. وعلى الرغم من أن تمويل الوقود كاف لتناول الاحتياجات لغاية شهر آب، إلى أن نقله من المحتمل أن يتعطل بناءً على إمكانية عمل معبر كرم أبو سالم.
وتعاني نسبة كبيرة من المرضى الذين أُدخلوا إلى المشافي منذ بداية المظاهرات من إصابات حرجة في أطرافهم السفلية، مما يستدعي إجراء عمليات جراحية معقدة. وسوف يعاني الكثير منهم من إعاقات طيلة حياتهم. وقد أنشأت وزارة الصحة إلى جانب جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني نقاط طبية لعلاج الإصابات بجوار الخيام الخمس، وذلك للعمل على ضمان استقرار حالة المصابين قبل إحالتهم إلى المستشفيات القريبة. وتم تحديث هذه المراكز مؤخراً بدعم من مجموعة الصحة، مما أدى إلى تحسين العلاج المقدم للإصابات، وبالتالي تخفيف الأعباء على المستشفيات.
كما وأسست مجموعة الصحة مجموعة عمل تتعلق بالإصابات في غزة بهدف تعزيز الوقت الفعلي لفرق الطوارئ الزائرة فيما يتعلق بالتنسيق، ووضع أدنى المعايير اللازمة للممارسات الطبية في مجال علاج الإصابات، وضمان عملية متسقة ودقيقة في جمع البيانات ومشاركتها.
ولا تزال مجموعة الحماية تعمل بشكل لصيق على متابعة الأوضاع، حيث تجمع البيانات المتعلقة بإطار عملها في مجال الحماية، بما في ذلك تحديد الاحتياجات الإنسانية العاجلة وطرق المضي قدماً في جسر الفجوات الموجودة في الاستجابة.
ويواصل الشركاء في مجموعة الحماية العمل على توفير المساعدة القانونية للأفراد المحتاجين لتصاريح سفر لتلقى العلاج خارج غزة. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تقدم 29 مصاب خلال المظاهرات في الفترة ما بين 30 آذار و4 أيار للحصول على تصاريح إسرائيلية لمغادرة غزة وتلقي العلاج، وحصلت تسعة طلبات منها فقط على الموافقة (31 في المائة)، وهي نسبة أقل بكثير من معدلات منح التصاريح في الربع الأول من العام 2018 (60 في المائة). والتمس شركاء آخرون أمام محكمة العدل العليا الإسرائيلية للطعن في أنظمة إطلاق النار الإسرائيلية، ولا تزال القضية هذه قيد النظر.
وينتج عن التعرض للعنف تأثرات على الصحة العقلية والنفسية والاجتماعية جسيمة، تحديداً في أوساط الأطفال. وقد قدم المتخصصون في مجال الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي من شركاء مجموعة الحماية الدعم النفسي والاجتماعي الأولي إلى 266 طفل يعانون من الصدمة جراء أنواع مختلفة من الإصابات، من أصل 598 طفل تم تحديدهم لغاية هذه اللحظة. كما ويعاني 40 طفلاً من هؤلاء من إصابات خطيرة (بالذخيرة الحية والعيارات المعدنية المغلفة بالمطاط)، حيث يحتاجون لعناية متخصصة، وتمت احالتهم إلى نظام إدارة الحالات. كما جرى تحديد ما يزيد على 1,000 شخص بالغ على أنهم في حاجة استجابة في الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي، حيث تم الوصول إلى نحو 342 شخصًا منهم وتقديم الدعم النفسي الأولي لهم.
إخلاء مسؤولية: البيانات والتحليلات التي يحتويها هذا التحديث العاجل مبنية على المعلومات الأولية المتوفرة. ويكون إجراء تقييمات إضافية في وقت لاحق.