* آخر التطورات: في 28 تموز/يوليو، بعد وقت قصير من نشر هذا المقال، غادرت العائلتان المتبقيتان البقعة، تاركين وراءهم المستوطنة الإسرائيلية المنشأة حديثًا حيث كان التجمع الفلسطيني يقف في يوم من الأيام.
بات تجمع البقعة السكاني الفلسطيني على شفا الاختفاء، وليس ذلك أمر اختاره أبناؤه.
ففي 10 تموز/يوليو 2023، فككت سبع أسر فلسطينية منازلهم وسبل عيشها ورحلت عن تجمعها عقب إقامة بؤرة استيطانية إسرائيلية داخل هذا التجمع وتصاعد عنف المستوطنين. وتمثل هذه الأسر التي تضم 36 فردًا، من بينهم 20 طفلًا وثماني نساء وثمانية رجال، ثلثي تعداد سكان التجمع.
أقيمت هذه المستوطنة الإسرائيلية في 20 حزيران/ يونيو وسط تجمع البقعة. أقيمت عدة مستوطنات أخرى في أنحاء الضفة الغربية في ذلك اليوم، الذي أعقب مقتل أربعة مستوطنين إسرائيليين على يد فلسطينيين في أماكن أخرى من الضفة الغربية.
تسبب وجود المستوطنين في البقعة في إثارة الذعر في أوساط المجتمع الفلسطيني. واجه أفراد المجتمع قيودًا متزايدة على مناطق الرعي ومُنعوا من الوصول إلى الأراضي، مما قوض بشدة ممارسات الرعي التقليدية ومصدر الدخل الأساسي.
في 7 تموز/يوليو 2023، أضرم المستوطنون الإسرائيليون النار في منزل فلسطيني في التجمع واثنان من سكانه في داخله. وقد نجح الجيران في إخماد النيران وحالوا دون وقوع إصابات، ولكن المنزل الصغير الذي كان يؤوي ستة أشخاص دُمِّر عن آخره وترك سكانه مهجرين. وبدلاً من إعادة بناء منزلهم في نفس الموقع، تم نقل التجمع إلى مكان يعتبرونه أكثر أمانًا.
واتخذت عائلات أخرى إجراءات مماثلة. فعندما زار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية التجمع في العام 2015، كانت 19 أسرة، أو نحو 128 شخصًا، يقطنون فيه. وعشية المستجدات الأخيرة، كان التجمع يؤوي تسع أسر، أو 54 شخصًا، في مطلع تموز/يوليو 2023. ولم يبقَ فيه الآن سوى أسرتين، تضمان 18 فردًا، بمن فيهم 11 طفلًا.
تجمع البقعة | 2015 | مطلع تموز/يوليو 2023 | بعد 10 تموز/يوليو 2023 |
---|---|---|---|
الأسر | 19 | 9 | 2 |
الأشخاص | 128 | 54 | 18 |
الأطفال (ورد ذكرهم أعلاه) | 65 | 31 | 11 |
تقيم بعض العائلات المهجرة الآن في مكان قريب. ومع ذلك، في 20 يوليو/ تموز، حذرت القوات الإسرائيلية إحدى العائلات من أنه يجب عليها مغادرة هذا الموقع أيضًا، مهددة بمصادرة مبانيها وممتلكاتها الأخرى إذا لم تفعل ذلك.
وبينما تتنافى المستوطنات كافة مع القانون الدولي الإنساني، تعد البؤر الاستيطانية بعمومها غير قانونية حتى في نظر السلطات الإسرائيلية. ومع ذلك، غالبًا ما تمتنع هذه السلطات عن إخلاء تلك البؤر. وفي هذه الحالة، أزالت السلطات الإسرائيلية المستوطنة من التجمع، ولكن أعيدت إقامتها في وقت لاحق ولا تزال قائمة حتى وقت كتابة هذا التقرير.
ولا يعد رحيل الأسر عن البقعة حادثًا معزولًا في هذه المنطقة كذلك. ففي 22 أيار/مايو 2023، رحلت 26 أسرة فلسطينية، تضم 132 فردًا، من بينهم 68 طفلًا، عن تجمع عين سامية الرعوي عقب سلسلة من هجمات المستوطنين وغيرها من التدابير القسرية. وبين العامين 2022 و2023، اضطر 134 فلسطينيًا، من بينهم 83 طفلًا، إلى الرحيل عن تجمعاتهم في وادي السيق وراس التين في ظروف مشابهة.
ولا يزال عنف المستوطنين آخذًا في الازدياد في شتى أرجاء هذه المنطقة. ففي العام 2023، وحتى اليوم الذي رُحِّلت فيها الأسر السبع عن تجمعها، سجل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية 591 حادثًا له صلة بالمستوطنين وأسفر عن وقوع ضحايا أو إلحاق أضرار بالممتلكات في مختلف أنحاء الضفة الغربية. وفي المتوسط، يمثل هذا العدد ثلاثة حوادث في اليوم، بالمقارنة مع حادثين في العام 2022 وحادث واحد في العام 2021.
وعقب هذه الهجمات والحوادث التي تفضي إلى التهجير، تنفذ الفرق التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية تقييمات أولية لاحتياجات الناس، وتلفت نظر المنظمات الإنسانية الشريكة إلى أي من التقييمات أو أشكال الاستجابة الأخرى التي تستدعيها الحاجة، كيلا يُستبعد أحد.
ولكن ذلك لا تحتّمه الضرورة. فعدا عن المستوطنات التي تتعارض في عمومها مع القانون الدولي الإنساني، تفرز هجمات المستوطنين وعمليات الهدم وغيرها من الممارسات القسرية التي عادةً ما تشاهَد في المنطقة (ج) وغيرها من المناطق في الأرض الفلسطينية المحتلة تبعات إنسانية. وباتت الإصابات الجسدية والصدمات النفسية وفقدان سبل العيش واقعًا تعيشه الأسر المتضررة. ولا يفضي تهجير التجمعات بسبب البيئة القسرية، بما فيها ما يرجع إلى عنف المستوطنين، إلى استفحال الاحتياجات الإنسانية فحسب، ولكنها قد ترقى أيضًا إلى مستوى الترحيل القسري الذي يشكل مخالفة جسيمة للقانون الدولي الإنساني.