هذا الأسبوع تمر علينا الذكرى السنوية الخمسين على احتلال إسرائيل للضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة. وتعتبر هذه الأزمة بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني، الأزمة الأطول في تاريخ الأمم المتحدة.
ومما لا شك فيه والمعروف أن وجه الاحتلال قبيح. إن العيش تحت حكم عسكري أجنبي لسنوات طويلة، يخلق اليأس، ويقضي على روح المبادرة ويضع أجيال من البشر في طي النسيان السياسي والاقتصادي.
الاحتلال الإسرائيلي تدعمه القوة. ويرافق الاحتلال جهاز أمني يفرض دون كلل سياسات تهدف إلى عزل التجمعات الفلسطينية عن بعضها، وتمزّق التماسك الاجتماعي، وتحدّ بشدة من النشاط الاقتصادي، وتحرم الكثيرين من حقوقهم الأساسية - مثل التنقل والتعبير عن الرأي والوصول إلى الخدمات الصحية وأكثر من ذلك بكثير. وفي حالات عديدة، انتهكت هذه السياسات القانون الإنساني الدولي وكذلك اتفاقيات حقوق الإنسان التي وقّعت إسرائيل على احترامها والالتزام بها.
وكانت إحدى النتائج المباشرة لهذه السياسات، خلق احتياجات إنسانية مزمنة بين الفلسطينيين. وفي عام 2017، ما يقرب من نصف الفلسطينيين البالغ عددهم 4.8 مليون نسمة يعيشون في الأرض الفلسطينية المحتلة سيحتاج إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية. العديد منهم يحتاج إلى مساعدة غذائية للتعويض عن خسارتهم مصادر كسب الرزق، إلى جانب غيرها من المساعدات القانونية، والبعض الآخر لا يزال بحاجة إلى المياه أو الرعاية الصحية أو المأوى. في السنة "العادية" – على سبيل المثال، سنة بدون صراع عسكري في غزة - يتم تخصيص حوالي مليار دولار أمريكي من الموارد العالمية الشحيحة لدعم تنفيذ مختلف العمليات الإنسانية الحالية في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وبالطبع، فإن آثار الاحتلال والاحتلال ذاته غير ثابتين. وتتهالك آليات الصمود والمواجهة باستمرار. ولا يشعر بهذه الأضرار سوى أشد الناس ضعفا، وهم الأطفال والعائلات التي تعيلها أمرة وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة. حتى العاملين في المجال الإنساني أنفسهم يواجهون عقبات متزايدة وهم يبذلون قصارى جهودهم للتخفيف من آثار الاحتلال، سواء كان ذلك في زيادة القيود المفروضة على الحركة، أو استنفاد الإجراءات القانونية، أو مصادرة المساعدات، أو إرهاق المانحين الذي يُمكن تفهمه. ومع مرور الزمان سنة بعد أخرى، يتدهور الوضع بشكل حتمي، ويترتب على ذلك عواقب وخيمة على الفلسطينيين وأيضا من المحتمل أن تنعكس على الإسرائيليين.
من منظور إنساني، تواصل الاحتلال لـ 50 عاما يمثل فشلا في القيادة للعديد من القيادات المحلية والدولية والإسرائيلية والفلسطينية. ويدفع العديد من المدنيين الأبرياء - الفلسطينيين والإسرائيليين - ثمن الفشل المزري في معالجة الأسباب الكامنة وراء أزمة الحماية الأطول في العالم.