(عمّان): لقد أمضيتُ الأسبوع الماضي في الشرق الأوسط والتقيت بزملائي في الأمم المتحدة وشركائها ومع السلطات والمجتمعات المحلية في دمشق وحمص وحلب وإدلب وأنقرة وبيروت والنبطية وعمّان.
وإذ أختتم هذه الجولة – وهي الأولى التي أُجريها إلى المنطقة بصفتي مسؤول الشؤون الإنسانية – فقد اجتمعت أيضًا مع فرقنا الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة.
في شهر كانون الثاني/يناير 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية المجموعة الأولى من الأوامر المؤقتة في قضية تطبيق اتفاقية الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
وبعد اقل من سنة، فإن استمرار حدة العنف يعني أنه لا يوجد مكان آمن للمدنيين في غزة. فالمدارس والمستشفيات والبنية التحتية المدنية تحوّلت إلى أنقاض.
ويخضع شمال غزة لحصار يكاد يكون مُطبِقًا منذ أكثر من شهرين، مما يزيد من حدة شبح المجاعة. ويشهد جنوب غزة اكتظاظًا شديدًا، مما يفضي إلى ظروف معيشية مريعة وازدياد الاحتياجات الإنسانية مع حلول فصل الشتاء. وفي شتى أرجاء غزة، تتواصل الغارات الجوية الإسرائيلية على المناطق المكتظة بالسكان، بما فيها المناطق التي أمرت القوات الإسرائيلية الناس بالانتقال إليها، ما يسبّب الدمار والتهجير والموت.
إننا نتعامل مع أماكن يصعب تقديم الدعم الإنساني فيها. ولكن غزة حاليًا هي المكان الأخطر، وذلك على مدى سنة قُتل فيها عدد من العاملين في المجال الإنساني يفوق كل الأرقام المسجلة.
وبالتالي، على الرغم من الاحتياجات الإنسانية الهائلة، أصبح من شبه المستحيل إيصال حتى جزء بسيط من المساعدات المطلوبة بشكل عاجل. فالسلطات الإسرائيلية لا تزال تحرمنا من سبل الوصول الحقيقي – إذ رفضت أكثر من 100 طلب للوصول إلى شمال غزة منذ يوم 6 تشرين الأول/أكتوبر. كما نشهد الآن انهيار القانون والنظام وأعمال النهب المسلحة والممنهجة التي تتعرض إمداداتنا لها على يد العصابات المحلية.
وفي هذه الأثناء، ما زالت الحالة في الضفة الغربية تشهد تدهورًا، وحصيلة الخسائر في الأرواح هي أعلى ما سجلناه. فخلال السنة المنصرمة، أسفرت عمليات الجيش الإسرائيلي عن تدمير البنية التحتية الأساسية، كالطرق وشبكات المياه، وخاصة في مخيمات اللاجئين التي هُجرت الأسر منها. وأدى تصاعد وتيرة عنف المستوطنين وهدم المنازل إلى التهجير وتزايد الاحتياجات. وتعطّل القيود المفروضة على التنقل سبل عيش الناس وقدرتهم على الوصول إلى الخدمات الأساسية – ولا سيما الرعاية الصحية.
وفي خضمّ هذه التحديات، تواصل الأمم المتحدة ومجتمع العمل الإنساني السعي إلى البقاء وتقديم الخدمات في مواجهة الصعوبات المتزايدة. إننا نساعد الناجين ونواصل البحث عن الحلول الإنسانية العملية. وأدعو المجتمع الدولي إلى الدفاع عن القانون الدولي الإنساني، والمطالبة بحماية جميع المدنيين والإصرار على أن تطلق حماس سراح جميع الرهائن والدفاع عن العمل الحيوي الذي تؤديه وكالة الأونروا ووقف دوامة العنف.
وأشيد بالعاملين في المجال الإنساني الذين يعملون على إنقاذ أرواح الناس في هذه الظروف.