مع قرب حلول الذكرى الخمسين للاحتلال العسكري الإسرائيلي المتواصل للأرض الفلسطينية المحتلة ما زال مستوى الاحتياجات الإنسانية مرتفعا. وأدى الفقر والبطالة إلى معاناة ما يزيد عن ربع الأسر الفلسطينية من انعدام الأمن الغذائي، إضافة إلى أنّ ما يقدّر بحوالي مليون شخص بحاجة لتدخلات في مجال الصحّة والتغذية، و1.8 مليون شخص بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة في مجال الحماية. وإجمالا، سيكون ما يقرب من نصف الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة - إي ما يقرب من 2 مليون شخص - بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية في عام 2017.
وبعد عامين على انقضاء الأعمال القتالية وتسع سنوات من الحصار، ما زالت مستويات الاحتياجات الإنسانية في قطاع غزة مرتفعة ارتفاعا حادا على وجه الخصوص، وما زالت الخدمات الإنسانية التي يقدمها المجتمع الدولي تمثل طوق نجاة لـ1.1 مليون شخص. وما يزال ما يقرب من 65,000 شخص مهجرين من منازلهم بعد تصعيد الأعمال القتالية في عام 2014، وما زالت المستشفيات وخدمات الصحة الأولية تعاني من صعوبات تشغيلية بسبب نقص مخزون الأدوية والمستلزمات الطبية المنقذة للحياة، وما زال المزارعون ورجال الأعمال يواجهون عقبات متعددة تعيق جهود إعادة تأهيل مصادر كسب رزقهم. كما أنّ وصول معظم السكان إلى المياه النظيفة والكهرباء ما زال متقطعا، إذ أنّ سبعين بالمائة من سكان غزة لا تصلهم مياه الأنابيب سوى لعدة ساعات، من يومين إلى أربعة أيام في الأسبوع - معظمها مياه غير صالحة للشرب - إضافة إلى أنّ معظم أسر غزة لا تصلها الكهرباء سوى ست إلى ثماني ساعات يوميا. وتؤثر القيود المتزايدة على تصاريح الخروج من غزة/والوصول إلى الضفة الغربية وغيرها تأثيرا كبيرا على المرضى الذين يحتاجون إلى علاج طبي حيوي، بالإضافة إلى موظفي منظمات المساعدة.
وما زال التملّص من المسائلة عن انتهاكات القانون الدولي على يد المسؤولين من كلا الطرفين يحرم الضحايا والناجين من تحقيق العدالة والتعويض الذين يستحقونه. وللأسف شهد العام الماضي أيضا استمرارا للتوتر في الأرض الفلسطينية المحتلة، وشنّ غارات جوية متقطعة وقصف بالدبابات لقطاع غزة، وارتفاع في عدد الإصابات جراء الأعيرة الحية في صفوف الفلسطينيين في الضفة الغربية. إضافة إلى ذلك طرأ ارتفاع حادّ على عدد عمليات هدم منازل الفلسطينيين والبنى التحتية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.
ورغم هذا التدهور، شهد هذا العام انخفاضا في مجمل تمويل برامج المساعدات الإنسانية التي نشرف عليها مقارنة بالعام الماضي، الأمر الذي عطّل تقديم المساعدات الحيوية للمحتاجين إليها، سواء أولئك الذين يكافحون من أجل إعادة بناء منازلهم في غزة، أو حماية حقهم في الوصول إلى الخدمات الأساسية في القدس الشرقية أو المنطقة (ج) في الضفة الغربية. نأمل أن يكون عام 2017 أكثر نجاحا على هذا الصعيد.
إنّ أزمة الحماية السائدة في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ أمد طويل تنبع من جمود في العملية السياسية وموجات العنف المتكررة. ويشكل انعدام احترام القانون الدولي سببا في ضعف الفلسطينيين، وفي أزمة إنسانية من صنع الإنسان طال أمدها. إنّ خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2017 تمثل أفضل جهودنا من أجل حماية المدنيين الضعفاء من آثار هذه الكارثة المتواصلة.
* نشرت هذه المقالة كتمهيد لخطة الاستجابة الإنسانية لعام 2017