شهد العام الجديد توتراً متزايداً في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولا سيما في قطاع غزة. ووقعت أخطر حالات التصعيد في يومي 23 و24 شباط/فبراير، بعدما قتلت إسرائيل أحد أفراد حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية وهو يحاول زرع عبوة ناسفة بجوار السياج الحدودي مع إسرائيل. وفي حادثة التقطتها الكاميرا، سحبت جرافة إسرائيلية جثته في وقت لاحق على نحو أثار غضباً عارماً في قطاع غزة.
وفي أعقاب هذه الحادثة، أطلقت حركة الجهاد الإسلامي نحو 80 صاروخاً وقذيفة باتجاه إسرائيل، وشنّ الجيش الإسرائيلي غارات جوية متعددة على أهداف داخل قطاع غزة. وأصيبَ 12 فلسطينياً بجروح وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة. وفي جنوب إسرائيل، أُغلقت بعض المدارس أبوابها خلال حالة التصعيد، وأفادت التقارير بإصابة أكثر من 20 شخصاً، معظمهم بجروح طفيفة. وتوقّفت الأعمال القتالية بحلول يوم 25 شباط/فبراير.
وتعكس حالة التصعيد الأخيرة فترة شهدت زيادة في التوتر بين إسرائيل والجماعات المسلحة الفلسطينية، بما فيها مقتل ثلاثة فلسطينيين اجتازوا السياج الحدودي من غزة ودخلوا إسرائيل في يوم 21 كانون الثاني/يناير، حيث أفادت التقارير بأنهم ألقوا عبوة ناسفة باتجاه القوات الإسرائيلية. وردّت إسرائيل على تزايد وتيرة إطلاق البالونات الحارقة والمتفجرة من قطاع غزة باتجاه إسرائيل بشن غارات جوية على مختلف أنحاء القطاع، حيث أسفرت إحداها عن تدمير بئر رئيسية وتعطيل الخدمات التي كان يستفيد منها نحو 30,000 شخص في منطقة رفح. وإضافة إلى ذلك، قلّصت إسرائيل ولفترة مؤقتة مساحة الصيد المسموح بها على امتداد الجزء الجنوبي من ساحل غزة من 15 ميلاً بحرياً إلى 10 أميال بحرية في مناسبتين خلال شهر شباط/فبراير، كما علّقت دخول الإسمنت وغيره من المواد إلى غزة.
وخلال التصعيد الأخير، أُغلق المَسْرب المخصّص للمشاة على معبر إيريز أمام تنقُّل الفلسطينيين كافة، باستثناء خروج الحالات الطبية، كما أُغلق معبر كرم أبو سالم أمام حركة جميع البضائع، باستثناء دخول الوقود إلى محطة غزة لتوليد الكهرباء واللوازم الطبية. وجرى تعليق جميع أعمال الصيد في المياه الساحلية التابعة لغزة. ورُفعت هذه القيود في يوم 26 شباط/فبراير. ونُفذت هذه التدابير في وقت كان قد شهد تخفيف بعض القيود المفروضة، ولا سيما في يوم 18 شباط/فبراير عندما صدرت الموافقة على منح 2,000 تصريح إضافي للتجار، والذين تفيد التقارير بأن العديد منهم عمال يعملون في إسرائيل. وبذلك، يرتفع عدد هذه التصاريح إلى 7,000 تصريح. ولا يزال عمال غزة يخضعون لحظر رسمي يمنعهم من العمل في إسرائيل منذ العام 2006.
وفي الأسابيع القليلة الماضية، طرأت زيادة على الاضطرابات التي شهدتها الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. وقد تزايدت المظاهرات والإشتباكات بعدما أطلقت الولايات المتحدة رؤية "السلام من أجل الإزدهار" في يوم 28 كانون الثاني/يناير. فمنذ مطلع هذا العام، قتلت القوات الأمنية الإسرائيلية سبعة فلسطينيين، من بينهم طفل، وأصابت 200 آخرين بجروح، بينما أصاب الفلسطينيون 26 إسرائيلياً، بمن فيهم 16 فردًا من أفراد القوات الأمنية، بجروح في حوادث شملت الدهس بالسيارات والطعن. كما أدّت المبادرة الأمريكية إلى زيادة في الإعلانات التي أطلقتها شخصيات سياسية إسرائيلية بشأن فرض السيادة الإسرائيلية بصفة رسمية على مساحات شاسعة من أراضي الضفة الغربية وفي الإعلانات عن إقامة مستوطنات جديدة. فقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي عن الموافقة على بناء 4,200 وحدة سكنية في مستوطنتي جفعات هاماتوس وهار حوما بالقدس الشرقية في يوم 20 شباط/فبراير، والموافقة على بناء 3,500 وحدة أخرى في منطقة (E1) الواقعة بين القدس الشرقية ومستوطنة معاليه أدوميم في يوم 24 شباط/فبراير.
وفيما يتعلق بالموافقة التي صدرت في يوم 20 شباط/فبراير، قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، في الإحاطة الشهرية التي قدمها لمجلس الأمن، إن "هذه المشاريع، في حال تنفيذها، قد ترسّخ طوقاً من المستوطنات التي تقطع أي تواصل بين القدس الشرقية وبيت لحم، مما يحدّ من إمكانية إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا في المستقبل إلى حدّ بعيد."
وتركز المقالات الثلاث الواردة في نشرة هذا الشهر على مسائل تثير شواغل إنسانية منذ أمد طويل في الضفة الغربية. فمنطقتا المالح وفروش بيت دجن، اللتان تقعان في غور الأردن، تضمان أكثر من 100 تجمع سكاني يعتريها الضعف في المنطقة (ج)، ولا تملكان سوى إمكانية محدودة للوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية، أو لا تتيّسر لهما هذه الإمكانية على الإطلاق، وهما في حاجة إلى العيادات المتنقلة. ومع ذلك، فقد وصل مشروع العيادة المتنقلة، الذي تدعمه منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات الشريكة في مجال العمل الصحي، إلى نهايته، مما يترك العديد من تلك التجمعات دون إمكانية للحصول على الرعاية الصحية الأساسية.
وتتناول مقالة أخرى على وجه التفصيل تدهور الوضع في المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في مدينة الخليل. فخلال العام الذي تلا سحب المراقبين الدوليين، طرأت زيادة على الهجمات التي يشنّها المستوطنون ومضايقاتهم، وعلى الإحتكاك والإشتباكات مع القوات الإسرائيلية. وتضم الفئة الأكثر تضرراً 7,000 فلسطيني يسكنون على مقربة من التجمعات الإستيطانية في المدينة، حيث لا تزال تُفرض قيود مشدّدة على الوصول إليها منذ العام 2015، مما يُلحق الضرر بالفلسطينيين الذين يقطنون في هذه المنطقة، ولا سيما الأطفال الذين يداومون في المدارس الواقعة فيها.
وتتناول المقالة الأخيرة موسم قطف الزيتون السنوي الذي اختُتم مؤخراً. فقد شهد هذا الموسم زيادة الإنتاج بنسبة تربو على 80 بالمائة بالمقارنة مع العام 2018 بفضل ظاهرة تبادُل الحِمل (المعاومة) "سنة الحمل الغزير تعقُبها سنة حِملها خفيف" وانحسار الإصابة بذبابة الدرنات التي تصيب أوراق الزيتون. ومع ذلك، فلا تزال الهجمات وأعمال الترويع التي ينفذها المستوطنون الإسرائيليون، والقيود المفروضة على الوصول إلى حقول الزيتون التي تقع بين الجدار و’الخط الأخضر‘ وبجوار المستوطنات الإسرائيلية، تقوّض سبل العيش التي تؤمّنها زراعة الزيتون.