«تمنيتُ لو أنني كنت داخل المستودع عندما قُصف. لا أستطيع أن أصف الألم حين أستيقظ كل صباح وأشاهد كل ما بنيته وسبل عيشنا قد دمرت.»
محمود خضير، مالك شركة خضير إخوان[1]
في 15 أيار/مايو، دمرت قذائف المدفعية الإسرائيلية أكبر مستودع للإمدادات الزراعية في قطاع غزة، والذي تملكه شركة خضير إخوان، في بيت لاهيا، شمال غزة. وكان هذا المستودع، الذي أسسه أربعة إخوة في العام 1985، يوفر المبيدات والأسمدة والمواد الزراعية، كالبلاستيك والنايلون والأنابيب البلاستيكية، بنسبة تزيد عن 50 بالمائة من جميع الإمدادات الزراعية في جميع أنحاء قطاع غزة. ووفقًا لوحدة المساعدة الفنية والتحشيد في مركز الميزان لحقوق الإنسان، كان هذا المستودع الذي بلغت مساحته 4,000 متر مربع يخزن نحو 300 طن من المبيدات و1,000 طن من الأسمدة.[2]
وكانت الشركة قد اشترت إمدادات زراعية بالدين قبل تدمير المستودع، حيث التهمتها النيران وتركت الشركة ترزح تحت أعباء دين هائل. وتقدر الأضرار بأكثر من 13 مليون دولار،[3] وأثر فقدان سبل العيش على مائة من أفراد الأسرة، ومعظمهم من الأطفال.
ولم يتلقّ أصحاب المستودع الذين يسكنون على بعد أمتار منه أي تحذير قبل قصفه. وكان نطاق الدمار كبيرًا لدرجة أن فرق الدفاع المدني وطواقم البلدية أمضت عدة أيام للسيطرة على الحريق.[4] ونتج عن الدخان الكثيف والمواد الكيماوية الزراعية والمواد البلاستيكية المحترقة أبخرة كثيفة وكريهة استمرت لأسابيع. وعندما زار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الموقع في 7 تموز/يوليو، وذلك بعد أكثر من سبعة أسابيع من وقوع الحادث، كانت رائحة المواد الكيماوية لا تُحتمل. واضطر السكان المقيمون في الجوار إلى الرحيل عن منازلهم.
وظهرت أعراض الطفح الجلدي على بعض أفراد الأسرة بسبب تعرضهم للأبخرة وكانوا في حاجة إلى التماس العلاج الطبي. وكانت إحدى جارات المستودع حاملًا وأسقطت جنينها بعد أيام قليلة من هذا الحادث، وهو ما عزته الطواقم الطبية في مستشفى الشفاء إلى استنشاق المواد الكيماوية. وأُدخل جيران آخرون إلى المستشفى بسبب صعوبات في التنفس، بينما تركت امرأة حامل أخرى المنطقة لضمان سلامة جنينها.
نشرت السلطات المحلية، التي انتابها القلق إزاء الصحة والسلامة، قوات الشرطة من أجل منع الوصول إلى المنطقة بعد توجيه الضربة الأولى إليه على الفور. وأجرت لجنة فنية ترأستها وزارة الزراعة تقييمًا وأعدت المبادئ التوجيهية لإزالة المواد الكيماوية بأمان.
وخلص خبراء البيئة الذين استعرضوا الآثار الصحية والبيئية التي خلّفها قصف المستودع إلى أن آثار هذه الكارثة هائلة وأن الخطوات العاجلة التالية ذات أهمية حاسمة:
وقال محمود خضير في 7 تموز/يوليو: «كل ما نريده هو إزالة المواد الكيماوية. فلا نستطيع أن نزيلها بأنفسنا لأنها سامة ولا نستطيع أن نطمرها في أي مكان. فإن فعلنا ذلك، سيخلّف ذلك كارثة على غزة قاطبة. وهي الآن تشكل كارثة علينا وعلى كل إنسان يعيش في جوارها. نتلقى الشكاوى من جيراننا كل يوم. وإذا تُركت الأنقاض السامة على هذا النحو، فسوف تؤدي إلى تلوث المياه الجوفية وتترك أثرًا بيئيًا فظيعًا على غزة كلها.»
وفي 22 أيلول/سبتمبر، شرع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في إزالة كميات كبيرة من النفايات الخطرة من أجل نقلها إلى منشأة متخصصة تقع شرق غزة لمعالجتها، وضمان عدم تلوث التربة والمياه الجوفية. وقد تسببت القدرات والخبرات المحدودة في هذا المجال في تأخير التدخل وتعطيل هذه الاستجابة.
[1] مقابلة مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تموز/يوليو 2021.
[2] مركز الميزان لحقوق الإنسان، 9 أيلول/سبتمبر 2021، خلال ورشة عمل متخصصة نظمها الميزان: مختصون يحذرون من تداعيات قصف واحتراق مخازن شركات خضير في بيت لاهيا ويدعون إلى سرعة التخلص الآمن من متبقياتها الخطرة.
[3] تقدير قطاع الأمن الغذائي.
[4] أفاد مركز الميزان لحقوق الإنسان بأن جهود إطفاء الحريق استمرت وقتًا طويلًا بعد انتهاء حالة التصعيد، وذلك حتى 6 حزيران/يونيو.